القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31)
يقول تعالى ذكره: ( وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى ) من الله بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب ( قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ ) يقول: قالت رسل الله لإبراهيم: إنا مهلكو أهل هذه القرية، قرية سَدُوم، وهي قرية قوم لوط ( إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ) يقول: إن أهلها كانوا ظالمي أنفسهم؛ بمعصيتهم الله، وتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى ...) إلى قوله: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا قال: فجادل إبراهيم الملائكة في قوم لوط أن يتركوا، قال: فقال أرأيتم إن كان فيها عشرة أبيات من المسلمين أتتركونهم؟ فقالت الملائكة: ليس فيها عشرة أبيات، ولا خمسة، ولا أربعة، ولا ثلاثة، ولا اثنان، قال: فحَزِن على لوط وأهل بيته، فقال: إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ فذلك قوله: يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ فقالت الملائكة: يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ فبعث الله إليهم جبرائيل صلى الله عليه وسلم، فانتسف المدينة وما فيها بأحد جناحيه، فجعل عاليها سافلها، وتتبعهم بالحجارة بكل أرض.