القول في تأويل قوله : وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: والذي أصابكم " يوم التقى الجمعان "، وهو يوم أحد، حين التقى جمع المسلمين والمشركين. ويعني بـ" الذي أصابهم "، ما نال من القتل مَنْ قُتِل منهم، ومن الجراح من جرح منهم =" فبإذن الله،" يقول: فهو بإذن الله كان = يعني: بقضائه وقدَره فيكم. (1) .
* * *
وأجاب " ما " بالفاء، لأن " ما " حرف جزاء، وقد بينت نظير ذلك فيما مضى قبل (2) .
* * *
=" وليعلم المؤمنين * وليعلم الذين نافقوا "، بمعنى: وليعلم الله المؤمنين، وليعلم الذين نافقوا، أصابكم ما أصابكم يوم التقى الجمعان بأحد، ليميِّز أهلُ الإيمان بالله ورسوله المؤمنين منكم من المنافقين فيعرفونهم، لا يخفى عليهم أمر الفريقين.
وقد بينا تأويل قوله: " وليعلم المؤمنين " فيما مضى، وما وجه ذلك، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (3) .
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال ابن إسحاق.
8192- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين "، أي: ما أصابكم حين التقيتم أنتم وعدوّكم، فبإذني كان ذلك حين فعلتم ما فعلتم، بعد أن جاءكم نصري، وصدقتكم وعدي، (4) ليميز بين المنافقين والمؤمنين، وليعلم الذين نافقوا منكم، أي: ليظهروا ما فيهم. (5)
----------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير"الإذن" فيما سلف 2: 449 ، 450 / 4: 286 / 5 : 355 ، 395 / 7 : 289.
(2) انظر ما سلف 5: 585.
(3) انظر ما سلف 3: 160 / 7 : 246 ، 325.
(4) في المطبوعة: "وصدقتم وعدي" ، والصواب من المخطوطة وسيرة ابن هشام.
(5) الأثر: 8192- سيرة ابن هشام 3: 125 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8187.