يقول تعالى ذكره: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا, خالدين في الغرفة, يعني أنهم ماكثون فيها, لابثون إلى غير أمد, حسنت تلك الغرفة قرارا لهم ومقاما. يقول: وإقامة. وقوله: ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه: قل يا محمد لهؤلاء الذين أرسلت إليهم: أيّ شيء يَعُدّكم, وأيّ شيء يصنع بكم ربي؟ يقال منه: عبأت به أعبأ عبئا, وعبأت الطيب أعبؤه: إذا هيأته, كما قال الشاعر:
كــــأنَّ بِنَحْـــرِهِ وبمَنْكَبَيْـــهِ
عَبِــيرًا بــاتَ يَعْبَــؤُهُ عَـرُوسُ (7)
يقول: يهيئه ويعمله يعبؤُه عبا وعبوءا, ومنه قولهم: عَبَّأت الجيش بالتشديد والتخفيف فأنا أعبئه: أُهَيِّئُهُ والعبءُ: الثقل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
---------------------------
الهوامش :
(7) البيت لأبي زبيد الطائي يصف أسدًا (اللسان : عبأ) . قال : عبأ الطيب يعبؤه عبئًا : صنعه وخلطه ، قال أبو زبيد يصف أسدًا : " كأن بنحره ... " البيت . ويروى : " بات يخبؤه " . وقال الفراء في معاني القرآن : وقوله : { ما يعبأ بكم ربي } : استفهام ، أي ما يصنع بكم لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام ؟ وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( ص 170) : ومنه قوله ؛ ما عبأت بك شيئًا : أي ما عددتك شيئًا . ا هـ .