وقوله: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ) يقول تعالى ذكره، مذكرا هؤلاء المشركين من قريش، القائلين: لولا أنـزل عليه آية من ربه، نِعْمَتَه عليهم التي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم، مع كفرهم بنعمته وإشراكهم في عبادته الآلهة والأنداد: أولم ير هؤلاء المشركون من قريش، ما خصصناهم به من نعمتنا عليهم، دون سائر عبادنا، فيشكرونا على ذلك، وينـزجروا عن كفرهم بنا، وإشراكهم ما لا ينفعنا، ولا يضرّهم في عبادتنا أنا جعلنا بلدهم حرما، حرّمنا على الناس أن يدخلوه بغارة أو حرب، آمنا يأمن فيه من سكنه، فأوى إليه من السباء، والخوف، والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس، ( وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) يقول: وتُسْلَب الناس من حولهم قتلا وسباء.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، في قوله: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) قال: كان لهم في ذلك آية، أن الناس يُغزَون ويُتَخَطَّفون وهم آمنون.
وقوله: ( أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ ) يقول: أفبالشرك بالله يقرّون بألوهة الأوثان بأن يصدّقوا، وبنعمة الله التي خصهم بها من أن جعل بلدهم حرما آمنا يكفرون، يعني بقوله: (يكفرون): يجحدون.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: (أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُون ): أي بالشرك ( وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ): أي يجحدون.