تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  ق الأية 32


سورة Sura   ق   Qaaf
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) ۞ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
الصفحة Page 519
هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)

وقوله ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ ) يقول: قال لهم: هذا الذي توعدون أيها المتقون, أن تدخلوها وتسكنوها وقوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) يعني: لكل راجع من معصية الله إلى طاعته, تائب من ذنوبه.

وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك, فقال بعضهم: هو المسبح, وقال بعضهم: هو التائب, وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته, غير أنا نذكر في هذا الموضع ما لم نذكره هنالك.

حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: ثنا محمد بن الصلت, قال: ثنا أبو كدينة, عن عطاء, عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) قال: لكلّ مسبح.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن مسلم الأعور, عن مجاهد, قال: الأوّاب: المسبح.

حدثنا الحسن بن عرفة, قال: ثني يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية, قال: ثني أبي, عن الحكم بن عتيبة في قول الله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال: هو الذاكر الله في الخلاء.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن يونس بن خباب, عن مجاهد ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال: الذي يذكر ذنوبه فيستغفر منها.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ ). قال: ثنا مهران, عن خارجة, عن عيسى الحناط, عن الشعبيّ, قال: هو الذي يذكر ذنوبه في خلاء فيستغفر منها( حَفِيظٍ ) : أي مطيع لله كثير الصلاة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال: الأوّاب: التوّاب الذي يئوب إلى طاعة الله ويرجع إليها.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن يونس بن خباب في قوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال: الرجل يذكر ذنوبه, فيستغفر الله لها.

وقوله ( حَفِيظٍ ) اختلف أهل التأويل في تأويله, فقال بعضهم: حفظ ذنوبه حتى تاب منها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان, عن أبي إسحاق, عن التميمي, قال: سألت ابن عباس, عن الأوّاب الحفيظ, قال: حفظ ذنوبه حتى رجع عنها.

وقال آخرون: معناه: أنه حفيظ على فرائض الله وما ائتمنه عليه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( حَفِيظٍ ) قال: حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره وصف هذا التائب الأوّاب بأنه حفيظ, ولم يخصّ به على حفظ نوع من أنواع الطاعات دون نوع, فالواجب أن يعمّ كما عمّ جلّ ثناؤه, فيقال: هو حفيظ لكلّ ما قرّبه إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلَفت منه للتوبة منها والاستغفار.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022