القول في تأويل قوله تعالى : فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)
يقول تعالى ذكره: ( فَأَمَّا ثَمُودُ ) قوم صالح، فأهلكهم الله بالطاغية.
واختلف -في معنى الطاغية التي أهلك الله بها ثمود- أهلُ التأويل، فقال بعضهم: هي طغيانهم وكفرهم بالله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله عزّ وجلّ: ( فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) قال: بالذنوب.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) فقرأ قول الله: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا وقال: هذه الطاغية طغيانهم وكفرهم بآيات الله. الطاغيَّة طغيانهم الذي طغوا في معاصي الله وخلاف كتاب الله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأهلكوا بالصيحة التي قد جاوزت مقادير الصياح وطغت عليها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) بعث الله عليهم صيحة فأهمدتهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( بِالطَّاغِيَةِ ) قال: أرسل الله عليهم صيحة واحدة فأهمدتهم.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فأُهلكوا بالصيحة الطاغية.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الله إنما أخبر عن ثمود بالمعنى الذي أهلكها به، كما أخبر عن عاد بالذي أهلكها به.