واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( نَذِيرًا لِلْبَشَرِ )، وما الموصوف بذلك، فقال بعضهم: عُنِيَ بذلك النار، وقالوا: هي صفة للهاء التي في قوله ( إنها ) وقالوا: هي النذير، فعلى قول هؤلاء النذير نصب على القطع من إحدى الكبر؛ لأن إحدى &; 24-34 &; الكبر معرفة، وقوله: ( نَذِيرًا ) نكرة، والكلام قد يحسُن الوقوف عليه دونه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: قال الحسن: والله ما أُنذر الناسُ بشيء أدهى منها، أو بداهية هي أدهى منها.
وقال آخرون: بل ذلك من صفة الله تعالى، وهو خبر من الله عن نفسه، أنه نذير لخلقه، وعلى هذا القول يجب أن يكون نصب قوله ( نَذِيرًا ) على الخروج من جملة الكلام المتقدم، فيكون معنى الكلام: وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة نذيرا للبشر، يعني: إنذارا لهم؛ فيكون قوله ( نَذِيرًا ) بمعنى إنذارا لهم؛ كما قال: فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ بمعنى إنذاري؛ ويكون أيضا بمعنى: إنها لإحدى الكُبَرِ؛ صيرنا ذلك كذلك نذيرا، فيكون قوله: ( إِنَّهَا لإحْدَى الْكُبَرِ ) مؤدّيا عن معنى صيرنا ذلك كذلك، وهذا المعنى قصد من قال ذلك إن شاء الله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل، عن أبي رزين ( إِنَّهَا لإحْدَى الْكُبَرِ ) قال: جهنم ( نَذِيرًا لِلْبَشَرِ ) يقول الله: أنا لكم منها نذير فاتقوها.
وقال آخرون: بل ذلك من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: نصب نذيرا على الحال مما في قوله " قم "، وقالوا: معنى الكلام: قم نذيرا للبشر فأنذر.
* ذكر من قال ذلك: