تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  هود الأية 99


سورة Sura   هود   Hud
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ۖ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ۖ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ۖ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107) ۞ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)
الصفحة Page 233
وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)

القول في تأويل قوله تعالى : وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)

قال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره: وأتبعهم الله في هذه ، يعني في هذه الدنيا ، مع العذاب الذي عجله لهم فيها من الغرق في البحر، لعنتَه (1) ، (ويوم القيامة) ، يقول: وفي يوم القيامة أيضًا يلعنون لعنةً أخرى، كما:-

18536- حدثنا بن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسه عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة) ، قال: لعنةً أخرى.

18537- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة) ، قال : زِيدوا بلعنته لعنةً أخرى، فتلك لعنتان.

18538- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) ، اللعنةُ في إثر اللعنة.

18539-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة) ، قال: زيدوا لعنة أخرى، فتلك لعنتان.

18540- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (في هذه) ، قال: في الدنيا ، (ويوم القيامة) ، أردفوا بلعنة أخرى ، زيدوها، فتلك لعنتان.

* * *

وقوله: (بئس الرفد المرفود) ، يقول: بئس العَوْن المُعان، اللعنةُ المزيدة فيها أخرى مثلها. (2)

* * *

وأصل " الرفد "، العون، يقال منه: " رفَد فلانٌ فلانًا عند الأمير يَرفِده رِفْدًا " بكسر الراء ، وإذا فتحت، فهو السَّقي في القدح العظيم، و " الرَّفد ": القدحُ الضخم، ومنه قول الأعشى:

رُبَّ رَفْــدٍ هَرَقْتَــهُ ذَلِــكَ الْيَـوْ

مَ وَأسْــرَى مِــنْ مَعْشَــرٍ أَقْتَـالِ (3)

ويقال: " رَفد فلان حائطه " ، وذلك إذا أسنده بخشبة ، لئلا يسقط. و " الرَّفد " ، بفتح الراء المصدر. يقال منه: " رَفَده يَرفِده رَفْدًا " ، و " الرِّفْد "، اسم الشيء الذي يعطاه الإنسان ، وهو " المَرْفَد ".

* * *

وينحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

18541- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (بئس الرفد المرفود) ، قال: لعنة الدنيا والآخرة.

18542- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (بئس الرفد المرفود)، قال: لعنهم الله في الدنيا، وزيد لهم فيها اللعنة في الآخرة.

18543- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) ، قال: لعنة في الدنيا، وزيدوا فيها لعنةً في الآخرة .

18544- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) ، يقول: ترادفت عليهم اللعنتان من الله ، لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.

18545- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك، قال: أصابتهم لعنتان في الدنيا، رفدت إحداهما الأخرى، وهو قوله: (ويوم القيامة بئس الرفد المرفود).

--------------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير " اللعنة " فيما سلف 12 : 447 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(2) في المخطوطة والمطبوعة : " أخرى منها " ، وكأن الصواب ما أثبت .

(3) ديوانه : 13 ، من قصيدة طويلة من جياد شعره ، يمدح فيها الأسود بن المنذر اللخمي أخا النعمان بن المنذر ، الملك . وكان الأسود غزا الحليفين أسدًا وذبيان ، ثم أغار على الطف ، فأصاب نعمًا وأسرى وسبيًا من سعد بن ضبيعة ( رهط الأعشى ) ، وكان الأعشى غائبًا ، فلما قدم وجد الحي مباحًا ، فأتاه فأنشده ، وسأله أن يهب له الأسرى ويحملهم ، ففعل . يقول : رب رجل كانت له إبل يحلبها في قدح له ولعياله ، فاستقت الإبل ، وذهب ما كان يحلبه الرفد ، فكذلك هرقت ما حلب . " والأقتال " جمع " قتل " ( بكسر فسكون ) . و " القتل " ، القرن من الأعداء ، وهو أيضًا : المثل والنظير ، وقال الأصمعي في شرح البيت وقد نقلت ما سلف من شرح ديوانه : " أقتال " ، أشباه غير أعداء . وكان في المطبوعة والمخطوطة : " أقيال " ، وهو هنا خطأ .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022