القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره:قال إخوة يوسف له حين قال لهم ذلك يوسف: ( إنك لأنت يوسف)؟ ، فقال:نعم أنا يوسف ، (وهذا أخي قد مَنَّ الله علينا) بأن جمع بيننا بعد ما فرقتم بيننا ، ( إنه من يتق ويصبر ) ، يقولإنه من يتق الله فيراقبه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، (ويصبر) ، يقول: ويكفّ نفسه ، فيحبسها عما حرَّم الله عليه من قول أو عمل عند مصيبةٍ نـزلتْ به من الله (22) ، ( فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) ، يقول:فإن الله لا يُبْطل ثواب إحسانه وجزاء طاعته إيَّاه فيما أمره ونهاه .
* * *
وقد اختلف القرأة في قراءة قوله: ( أإنك لأنت يوسف ) .
فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: ( أَإِنّكَ ) ، على الاستفهام .
* * *
وذكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب: " أَوَأَنْتَ يُوسُفُ.
* * *
وروي عن ابن محيصن أنه قرأ: " إِنَّكَ لأَنْتَ يُوُسُفُ" ، على الخبر ، لا على الاستفهام .
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا ، قراءةُ من قرأه بالاستفهام ، لإجماع الحجّة من القرأة عليه .
* * *
19791- حدثنا ابن حميد ، قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال، لما قال لهم ذلك ، يعني قوله: هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ، كشف الغِطاء فعرفوه ، فقالوا: ( أإنك لأنت يوسف )، الآية.
19792- حدثنا القاسم ، قال، حدثنا الحسين ، قال، حدثني من سمع عبد الله بن إدريس يذكر ، عن ليث ، عن مجاهد ، قوله: ( إنه من يتق ويصبر ) ، يقول:من يتق معصية الله، ويصبر على السِّجن.
* * *
----------------------
الهوامش:
(22) انظر تفسير" التقوى" ، و" الصبر" فيما سلف من فهارس اللغة ( وقى ) ، ( صبر ) .