تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  يوسف الأية 90


سورة Sura   يوسف   Yusuf
يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95)
الصفحة Page 246
قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)

قوله تعالى : قالوا أئنك لأنت يوسف لما دخلوا عليه فقالوا : مسنا وأهلنا الضر فخضعوا له وتواضعوا رق لهم ، وعرفهم بنفسه ، فقال : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه فتنبهوا فقالوا : أئنك لأنت يوسف قاله ابن إسحاق . وقيل : إن يوسف تبسم فشبهوه بيوسف واستفهموا قال ابن عباس لما قال لهم : هل علمتم ما فعلتم بيوسف الآية ، ثم تبسم يوسف - وكان إذا تبسم كأن ثناياه اللؤلؤ المنظوم - فشبهوه بيوسف ، فقالوا له على جهة الاستفهام : أئنك لأنت يوسف . وعن ابن عباس أيضا : أن إخوته لم يعرفوه حتى وضع التاج عنه ، وكان في قرنه علامة ، وكان ليعقوب مثلها شبه الشامة ، فلما قال لهم : هل علمتم ما فعلتم بيوسف رفع التاج عنه فعرفوه ، فقالوا : أئنك لأنت يوسف . وقال ابن عباس : كتب يعقوب إليه يطلب رد ابنه ، وفي الكتاب : من يعقوب صفي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر - أما بعد - فإنا أهل بيت بلاء ومحن ، ابتلى الله جدي إبراهيم بنمروذ وناره ، ثم ابتلى أبي إسحاق بالذبح ، ثم ابتلاني بولد كان لي أحب أولادي إلي حتى كف بصري من البكاء ، وإني لم أسرق ولم ألد سارقا والسلام . فلما قرأ يوسف الكتاب ارتعدت مفاصله ، واقشعر جلده ، وأرخى عينيه بالبكاء ، وعيل صبره فباح بالسر . وقرأ ابن كثير " إنك " على الخبر ، ويجوز أن تكون هذه القراءة استفهاما كقوله : وتلك نعمة .

قال أنا يوسف أي أنا المظلوم والمراد قتله ، ولم يقل أنا هو تعظيما للقصة .

قد من الله علينا أي بالنجاة والملك .

إنه من يتق ويصبر أي يتق الله ويصبر على المصائب ، وعن المعاصي .

فإن الله لا يضيع أجر المحسنين أي الصابرين في بلائه ، القائمين بطاعته . وقرأ ابن كثير : " إنه من يتقي " بإثبات الياء ; والقراءة بها جائزة على أن تجعل " من " بمعنى الذي ، وتدخل يتقي في الصلة ، فتثبت الياء لا غير ، وترفع " ويصبر " . وقد يجوز أن تجزم " ويصبر " على أن تجعل " يتقي " في موضع جزم و " من " للشرط ، وتثبت الياء ، وتجعل علامة الجزم حذف الضمة التي كانت في الياء على الأصل ; كما قال :

ثم نادي إذا دخلت دمشقا يا يزيد بن خالد بن يزيد

وقال آخر :

ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد

وقراءة الجماعة ظاهرة ، والهاء في " إنه " كناية عن الحديث ، والجملة الخبر .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022