تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  الإسراء الأية 62


سورة Sura   الإسراء   Al-Israa
وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66)
الصفحة Page 288
قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)

وقوله ( أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ ) يقول تعالى ذكره: أرأيت هذا الذي كرّمته عليّ، فأمرتني بالسجود له، ويعني بذلك آدم ( لَئِنْ أَخَّرْتَنِي ) أقسم عدوّ الله، فقال لربه: لئن أخرت إهلاكي إلى يوم القيامة ( لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلا ) يقول: لأستولين عليهم، ولأستأصلنهم، ولأستميلنهم يقال منه: احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم أو غير ذلك؛ ومنه قول الشاعر:

نَشْــكُو إِلَيْــكَ سَـنَةً قَـدْ أجْحَـفَتْ

جَــهْدًا إلـى جَـهْدٍ بنـا فـأضْعَفَتْ

واحْتَنَكـَتْ أمْــوَالَنا وجَـلَّفَتْ (5)

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال : ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، في قول الله تبارك وتعالى ( لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلا ) قال: لأحتوينهم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلا ) يقول: لأستولينّ.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلا ) قال: لأضلنهم، وهذه الألفاظ وإن اختلفت فإنها متقاربات المعنى، لأن الاستيلاء والاحتواء بمعنى واحد، وإذا استولى عليهم فقد أضلهم.

-------------------------

الهوامش :

(5) هذه أبيات ثلاثة من مشطور الرجز، من الأرجوزة السادسة في بقية ديوان الزفيان السعدي (عطاء بن أسيد الراجز) وهي ملحقة بديوان العجاج المطبوع في ليبزج سنة 1903 ص 65، مع اختلاف في رواية بعضها. والبيتان الأولان هما:

نشــكو إليــك سـنة قـد جـلفت

أموالنــا مــن أصلهــا وجـرفت

أما البيت الثالث فليس في الأرجوزة. ومعنى أجحفت: أضرت بنا، وذهبت أموالنا، فلقينا من شهدتها جهدا إلى جهد. واحتنكت: قال أبو عبيدة في مجاز القرآن (:384) يقال: احتنك فلان ما عند فلان أجمع من مال أو علم أو حديث أو غيره: أخذه كله واستقصاه. قال: نشكو إليك...إلخ الأبيات. ومعنى جلفت: قشرت أو قشر الجلد مع شيء من اللحم. والأبيات شاهد على أن الاحتناك معناه الاستئصال.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022