وقوله: ( وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: وما أنت يا محمد بمسدّد من أعماه الله عن الاستقامة، ومحجة الحقّ، فلم يوفقه لإصابة الرشد، فصارفه عن ضلالته التي هو عليها، وركوبه الجائر من الطرق إلى سبيل الرشاد، يقول: ليس ذلك بيدك ولا إليك، ولا يقدر على ذلك أحد غيري؛ لأني القادر على كل شيء. وقيل: (بهادي العمي عن ضلالتهم) ولم يقل: من ضلالتهم، لأن معنى الكلام ما وصفت، من أنه: وما أنت بصارفهم عنه، فحمل على المعنى. ولو قيل: من ضلالتهم، كان صوابا. وكان معناه: ما أنت بمانعهم من ضلالتهم.
وقوله: (إنْ تُسْمعُ إلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) يقول تعالى ذكره لنبيه: ما تسمع السماع الذي ينتفع به سامعه فيعقله، إلا من يؤمن بآياتنا، لأن الذي يؤمن بآياتنا إذا سمع كتاب الله تدبَّره وفهمه وعقله، وعمل بما فيه، وانتهى إلى حدود الله الذي حدّ فيه، فهو الذي يسمع السماع النافع.
وقوله: (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) يقول: فهم خاضعون لله بطاعته، متذللون لمواعظ كتابه.