القول في تأويل قوله تعالى : فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)
اختلفت القرّاء في قوله: (فانْظُرْ إلَى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ) فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة &; 20-116 &; والبصرة، وبعض الكوفيين: (إلَى أَثَرِ رَحْمَةِ اللهِ) على التوحيد، بمعنى: فانظر يا محمد إلى أثر الغيث الذي أصاب الله به من أصاب من عباده، كيف يحيي ذلك الغيث الأرض من بعد موتها. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (فَانْظُرْ إلى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ) على الجماع، بمعنى: فانظر إلى آثاء الغيث الذي أصاب الله به من أصاب، كيف يحيي الأرض بعد موتها.
والصواب من القول فى ذلك، أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، وذلك أن الله إذا أحيا الأرض بغيث أنـزله عليها، فإن الغيث أحياها بإحياء الله إياها به، وإذا أحياها الغيث، فإن الله هو المحيي به، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب. فتأويل الكلام إذًا: فانظر يا محمد، إلى آثار الغيث الذي ينـزل الله من السحاب، كيف يحيي بها الأرض الميتة، فينبتها ويعشبها، من بعد موتها ودثورها، (إنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى). يقول جلّ ذكره: إن الذي يحيي هذه الأرض بعد موتها بهذا الغيث، لمحيي الموتى من بعد موتهم، وهو على كلّ شيء مع قدرته على إحياء الموتى قدير، لا يعزّ عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه فعل شيء شاءه سبحانه.