تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  يس الأية 39


سورة Sura   يس   Yaseen
۞ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28) إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36) وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)
الصفحة Page 442
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)

القول في تأويل قوله تعالى : وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)

اختلفت القراء في قراءة قوله ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ) فقرأه بعض المكيين وبعض المدنيين وبعض البصريين: (وَالقَمَرُ) رفعا عطفًا بها على الشمس، إذ كانت الشمس معطوفة على الليل، فأتبعوا القمر أيضًا الشمس في الإعراب، لأنه أيضًا من الآيات، كما الليل والنهار آيتان، فعلى هذه القراءة تأويل الكلام: وآية لهم القمرُ قدّرناه منازل. وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض المدنيين وبعض البصريين، وعامة قرّاء الكوفة نصبا( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ ) بمعنى: وقدّرنا القمر منازل، كما فعلنا ذلك بالشمس، فردّوه على الهاء من الشمس في المعنى، لأن الواو التي فيها للفعل المتأخر.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، فتأويل الكلام: وآية لهم، تقديرنا القمر منازل للنقصان بعد تناهيه وتمامه واستوائه، حتى عاد كالعرجون القديم ؛ والعرجون: من العذق من الموضع النابت في النخلة إلى موضع الشماريخ ؛ وإنما شبهه جل ثناوه بالعرجون القديم، والقديم هو اليابس، لأن ذلك من العِذْق، لا يكاد يوجد إلا متقوّسًا منحنيًا إذا قدم ويبس، ولا يكاد أن يُصاب مستويًا معتدلا كأغصان سائر الأشجار وفروعها، فكذلك القمرُ إذا كان في آخر الشهر قبل استسراره، صار في انحنائه وتقوّسه نظير ذلك العرجون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) يقول: أصل العِذق العتيق .

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) يعني بالعُرجون: العذقَ اليابس .

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) قال: كعِذْق النخلة إذا قدُم فانحنى .

حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقيّ، قال: ثنا أبو يزيد الخرّاز، يعني خالد بن حيان الرقيِّ، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصمّ في قوله ( حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) قال: عذق النخلة إذا قدُم انحنى .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عيسى بن عبيد، عن عكرمة، في قوله ( كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) قال: النخلة القديمة .

حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى عن مجاهد ( كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) قال: العِذْق اليابس .

حدثني محمد بن عمر بن عليّ المقدمي وابن سنان القزّاز، قالا ثنا أبو عاصم والمقدمي، قال: سمعت أبا عاصم يقول: سمعت سليمان التيمي في قوله ( حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) قال: العذْق .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) قال: قدّره الله منازل، فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة، شبهه بعذق النخلة .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022