تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  ص الأية 41


سورة Sura   ص   Saad
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ (40) وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42)
الصفحة Page 455
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41)

القول في تأويل قوله تعالى : وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( وَاذْكُرْ ) أيضا يا محمد عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ) مستغيثا به فيما نـزل به من البلاء: يا ربّ( أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ ) فاختلفت القرّاء في قراءة قوله ( بِنُصْبٍ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر القارئ: ( بِنُصْبٍ ) بضم النون وسكون الصاد, وقرأ ذلك أبو جعفر: بضم النون والصاد كليهما, وقد حُكي عنه بفتح النون والصاد; والنُّصْب والنَّصَب بمنـزلة الحُزْن والحَزَن, والعُدم والعَدَم, والرُّشْد والرَّشَد, والصُّلْب والصَّلَب. وكان الفرّاء يقول: إذا ضُمّ أوّله لم يثقل, لأنهم جعلوهما على سِمَتين: إذا فتحوا أوّله ثقّلوا, وإذا ضمّوا أوّله خففوا. قال: وأنشدني بعض العرب:

لَئِــنْ بَعَثَــتْ أُمُّ الحُـمَيْدَيْنِ مـائِرًا

لَقَـدْ غَنِيَـتْ فـي غَيرِ بُؤْسٍ ولا جُحدِ (3)

من قولهم: جَحِد عيشه: إذا ضاق واشتدّ; قال: فلما قال جُحْد خَفَّف.

وقال بعض أهل العلم بكلام العرب من البصريين: النَّصُب من العذاب. وقال: العرب تقول: أنصبني: عذّبني وبرّح بي. قال: وبعضهم يقول: نَصَبَني, واستشهد لقيله ذلك بقول بشر بن أبي خازم:

تَعَنَّـاكَ نَصْـب مِـن أُمَيْمَـةَ مُنْصِبُ

كَـذِي الشَّـجْوِ لَمَّـا يَسْـلُه وسـيَذْهَبُ (4)

وقال: يعني بالنَّصْب: البلاء والشرّ; ومنه قول نابغة بني ذُبيان:

كِــلِيني لِهَــمّ يـا أمَيْمَـةَ نـاصِبِ

وَلَيْــلٍ أُقاسِــيهِ بَطـيءِ الكَـوَاكِب (5)

--------------------

الهوامش :

(3) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 280) . قال : وقوله : (بنصب وعذاب" : اجتمعت القراء على ضم النون من نصب وتخفيفها ( أي الكلمة بتسكين وسطها ) ، وذكروا أن أبا جعفر المدني قرأ :" بنصب وعذاب" بنصب النون والصاد . وكلاهما في التفسير واحد . وذكروا أنه المرض ، وما أصابه من العناء فيه . والنصب بمنزلة الحزن والحزن ، والعدم والعدم ، والرشد والرشد ، والصلب والصلب : إذا خفف ضم أوله ، ولم يثقل ، لأنهم جعلوها على سمتين . إذا فتحوا أوله ، ثقلوا ، وإذا ضموا أوله خففوا قال : وأنشدني بعض العرب :"لئن بعثت أم الحميدين ... البيت" . قال : والعرب تقول : جحد عيشهم جحدا : إذا ضاف واشتد . فلما قال حجد ، وضم أوله خفف . فابن على هذا ما رأيت من هاتين اللغتين . أ هـ . قلت : والمائر الذي يجلب الميرة .

(4) البيت لبشر بن أبي حازم" مجاز القرآن لآبي عبيدة ( الورقة 215 ) قال :" بنصب وعذاب" : قال بشر بن أبي حازم" ... البيت" . وقال النابغة :" كليني لهم يا أميمة ناصب .... البيت" ثم قال بعد البيتين : تقول العرب : أنصبني : أي عذبني وبرح بي . وبعضهم يقول : نصبني . والنصب : إذا فتحت وحركت حروفها ، كانت من الإعياء . والنصب إذا فتح أولها وأسكن ثانيها : واحد أنصاب الحرم ، وكل شيء نصبته وجعلته علما . يقال : لأنصبنك نصب العود .

(5) البيت للنابغة الذبياني (مختار الشعر الجاهلي ، بشرح مصطفى السقا طبعة الحبلي ص 159 ) قال شارحه : كليني : دعيني . وأميمة بالفتح ( والأحسن بالضم ) : منادى . قال الخليل : من عادة العرب أن تنادى المؤنت بالترخيم ، فلما لم يرخم هنا (بسبب الوزن) : أجراها على لفظها مرخمة ، وأتى بها بالفتح . وناصب : متعب . وبطيء الكواكب : أى لا تغور كواكبه ، وهي كناية عن الطول ، لأن الشاعر كان قلقا . أ هـ . وقد تقدم ذكر البيت في شرح الشاهد الذي قبله ، عن أبي عبيدة لأن موضع الشاهد فيهما مشترك.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022