تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  ص الأية 58


سورة Sura   ص   Saad
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ (48) هَٰذَا ذِكْرٌ ۚ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) ۞ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ (54) هَٰذَا ۚ وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ۖ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ ۚ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (59) قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ ۖ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ۖ فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَٰذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (61)
الصفحة Page 456
وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58)

وقوله ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) على التوحيد, بمعنى: هذا حميم وغساق فليذوقوه, وعذاب آخر من نحو الحميم ألوان وأنواع, كما يقال: لك عذاب من فلان: ضروب وأنواع; وقد يحتمل أن يكون مرادًا بالأزواج الخبر عن الحميم والغساق, وآخر من شكله, وذلك ثلاثة, فقيل أزواج, يراد أن ينعت بالأزواج تلك الأشياء الثلاثة. وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصريين: " وأخَرُ" على الجماع, وكأن من قرأ ذلك كذلك كان عنده لا يصلح أن يكون الأزواج وهي جمع نَعْتا لواحد, فلذلك جمع أخر, لتكون الأزواج نعتا لها; والعرب لا تمنع أن ينعَت الاسم إذا كان فعلا بالكثير والقليل والاثنين كما بيَّنا, فتقول: عذاب فلان أنواع, ونوعان مختلفان.

وأعجب القراءتين إليَّ أن أقرأ بها: ( وآخَرُ) على التوحيد, وإن كانت الأخرى صحيحة لاستفاضة القراءة بها في قرّاء الأمصار; وإنما اخترنا التوحيد لأنه أصحّ مخرجا في العربية, وأنه في التفسير بمعنى التوحيد. وقيل إنه الزَّمهرير.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن السديّ, عن مُرّة, عن عبد الله ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) قال الزمهرير.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, قال: ثنا سفيان, عن السديّ, عن مرة, عن عبد الله, بمثله.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا معاوية, عن سفيان, عن السديّ, عمن أخبره عن عبد الله بمثله, إلا أنه قال: عذاب الزمهرير.

حدثنا محمد قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, عن مرّة الهمداني, عن عبد الله بن مسعود, قال: هو الزمهرير.

حُدثت عن يحيى بن أبي زائدة, عن مبارك بن فضالة, عن الحسن, قال: ذكر الله العذاب, فذكر السلاسل والأغلال, وما يكون في الدنيا, ثم قال: ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) قال: وآخر لم ير في الدنيا.

وأما قوله ( مِنْ شَكْلِهِ ) فإن معناه: من ضربه, ونحوه يقول الرجل للرجل: ما أنت من شكلي, بمعنى: ما أنت من ضربي بفتح الشين. وأما الشِّكْل فإنه من المرأة ما عَلَّقَتْ مما تتحسن به, وهو الدَّلُّ أيضا منها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) يقول: من نحوه.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) من نحوه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) قال: من كُلّ شَكْلٍ ذلك العذاب الذي سمى الله, أزواج لم يسمها الله, قال: والشَّكل: الشبيه.

وقوله ( أَزْوَاجٌ ) يعني: ألوان وأنواع.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) قال: ألوان من العذاب.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَزْوَاجٌ ) زوج زوج من العذاب.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَزْوَاجٌ ) قال: أزواج من العذاب في النار.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022