تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  غافر الأية 69


سورة Sura   غافر   Ghafir
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (68) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77)
الصفحة Page 475
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ (69)

وقوله: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ) يقول لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ألم تر يا محمد هؤلاء المشركين من قومك, الذين يخاصمونك في حجج الله وآياته ( أَنَّى يُصْرَفُونَ ) يقول: أيّ وجه يصرفون عن الحق, ويعدلون عن الرشد.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَنَّى يُصْرَفُونَ ) : أنى يكذبون ويعدلون.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أَنَّى يُصْرَفُونَ ) قال: يُصْرَفون عن الحقّ.

واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية, فقال بعضهم: عنى بها أهل القدر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى, قالا ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن داود بن أبي هند. عن محمد بن سيرين, قال: إن لم تكن هذه الآية نـزلت في القدرية, فإني لا أدري فيمن نـزلت: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ) إلى قوله: لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ .

حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا زيد بن أبي الزرقاء, عن سفيان, عن داود بن أبي هند, عن ابن سيرين, قال: إن لم يكن أهل القدر الذين يخوضون في آيات الله فلا علم لنا به.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني مالك بن أبي الخير الزيادي, عن أبي قبيل, قال: أخبرني عقبة بن عامر الجهني, أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " سَيَهْلِكُ مِنْ أُمَّتِي أهْلُ الكِتَابِ, وأهْلُ اللِّينِ" فقال عقبة: يا رسول الله, وما أهل الكتاب؟ قال: " قَوْمٌ يَتَعَلَّمُونَ كِتابَ الله يُجادلُونَ الَّذينَ آمَنُوا ", فقال عقبة: يا رسول الله, وما أهل اللين؟ قال: " قَوْمٌ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ, ويُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ". قال أبو قبيل: لا أحسب المكذّبين بالقدر إلا الذين يجادلون الذين آمنوا, وأما أهل اللين, فلا أحسبهم إلا أهل العمود (1) ليس عليهم إمام جماعة, ولا يعرفون شهر رمضان.

وقال آخرون: بل عنى به أهل الشرك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ) قال: هؤلاء المشركون.

والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن زيد; وقد بين الله حقيقة ذلك بقوله: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا .

------------------------

الهوامش:

(1) كذا في الأصل ، ولم أجد معنى للعمود في النهاية لابن الأثير ، ولعله محرف عن ( العمور) بضم العين ، جمع عمر ، بفتح فسكون وبضمتين ، وهو من النخيل ، وهو الحسوق الطويل . يريد أصحاب هذه النخل الملازمين لها ، يجادلون في الدين ، بلا علم ولا فقه .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022