تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  المائدة الأية 59


سورة Sura   المائدة   Al-Maaida
وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)
الصفحة Page 118
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)

القول في تأويل قوله : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لأهل الكتاب من اليهود والنصارى: يا أهل الكتاب، هل تكرهون منا أو تجدون علينا في شيء إذ تستهزئون بديننا، وإذ أنتم إذا نادينا إلى الصلاة اتخذتم نداءنا ذلك هزوًا ولعبًا (1) =" إلا أن آمنا بالله "، يقول: إلا أن صدقنا وأقررنا بالله فوحدناه، وبما أنـزل إلينا من عند الله من الكتاب، وما أنـزل إلى أنبياء الله من الكتب من قبل كتابنا=" وأن أكثركم فاسقون "، يقول: وإلا أن أكثركم مخالفون أمر الله، خارجون عن طاعته، تكذبون عليه. (2)

* * *

والعرب تقول: " نقَمتُ عليك كذا أنقِم "= وبه قرأه القرأة من أهل الحجاز والعراق وغيرهم= و " نقِمت أنقِم "، لغتان (3) = ولا نعلم قارئًا قرأ بهما (4) بمعنى وجدت وكرهت، (5) ومنه قول عبد الله بن قيس الرقيات: (6)

مَــا نَقَمُــوا مِـنْ بَنِـي أُمَيَّـةَ إِلا

أَنَّهُـــمْ يَحْـــلُمُونَ إِنْ غَضِبُــوا (7)

* * *

وقد ذكر أن هذه الآية نـزلت بسبب قوم من اليهود.

ذكر من قال ذلك:

12219 - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق، قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نفرٌ من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب، ورافع بن أبي رافع، وعازر، (8) وزيد، وخالد، وأزار بن أبي أزار، وأشيع، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ قال: أومن بالله وما أنـزل إلينا وما أنـزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. (9) فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا: لا نؤمن بمن آمن به! (10) فأنـزل الله فيهم: " قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا آمنا بالله وما أنـزل إلينا وما أنـزل من قبل وأن أكثركم فاسقون ". (11)

* * *

= عطفًا بها على " أن " التي في قوله: " إلا أن آمنا بالله "، (12) لأن معنى الكلام: هل تنقمون منا إلا إيمانَنا بالله وفسقكم.

-----------------

الهوامش :

(1) في المطبوعة: "أو تجدون علينا حتى تستهزئوا بديننا إذ أنتم إذا نادينا إلى الصلاة" ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، فحذف وغير وبدل ، وأساء غاية الإساءة.

(2) انظر تفسير"الفسق" فيما سلف ص: 393 تعليق: 3 ، والمراجع هناك.

(3) اللغة الأولى"نقم" (بفتحتين)"ينقم" (بكسر القاف) = واللغة الثانية"نقم" (بفتح فكسر)"ينقم" (بكسر القاف أيضا).

(4) في المطبوعة: "قرأ بها" بالإفراد ، والصواب ما في المخطوطة ، ويعني"نقمت" ، أنقم. من اللغة الثانية.

(5) "وجدت" من قولهم: "وجد عليه يجد وجدًا وموجدة": غضب.

(6) مختلف في اسمه يقال: "عبد الله" ويقال: "عبيد الله" بالتصغير ، وهو الأكثر.

(7) ديوانه: 70 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 170 ، واللسان (نقم) ، من قصيدته التي قالها لعبد الملك بن مروان ، في خبر طويل ذكره أبو الفرج في الأغاني 5: 76- 80 ، وبعد البيت:

وأنَّهُــمْ مَعْــدِنَ المُلُــوكِ، فَــلا

تَصْلُـــحُ إلا عَلَيْهِــــمُ العَــرَبُ

إِن الفَنِيــق الَّــذِي أَبُــوهُ أَبُــو

العَــاصِي، عَلَيْـهِ الوَقَـارُ والحُجُـبُ

خَلِيفَــةُ اللـــهِ فَــوْقَ مِنْــبَرِه

جَــفَّتْ بِــذَاكَ الأقْـــلامُ والكُـتُبُ

يَعْتَــدِلُ التَّــاجُ فَــوْقَ مَفْرِقِــهِ

عَـــلَى جَــبِينٍ كأَنّــهُ الــذَّهَبُ

(8) في المخطوطة: "عازي" ، وصوابه من المراجع الآتي ذكرها.

(9) هذا تضمين آية سورة البقرة: 136.

(10) في المخطوطة: "لا نؤمن آمن به" ، أسقط"بمن".

(11) الأثر: 12219- سيرة ابن هشام 2: 216 ، ومضى بالإسنادين رقم 2101 ، 2102

(12) يعني قوله: "وأن أكثركم فاسقون" ، فتح الألف من"وأن" ، عطفًا بها على"أن" التي في قوله: "إلا أن آمنا بالله".

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022