تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  المائدة الأية 63


سورة Sura   المائدة   Al-Maaida
وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)
الصفحة Page 118
لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)

القول في تأويل قوله : لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الإثم والعدوان وأكل الرشى في الحكم، من اليهود من بني إسرائيل، (49) ربانيوهم= وهم أئمتهم المؤمنون، وساستهم العلماء بسياستهم (50) = وأحبارهم، وهم علماؤهم وقوادهم (51) =" عن قولهم الإثم " يعني: عن قول الكذب والزور، وذلك أنهم كانوا يحكمون فيهم بغير حكم الله، ويكتبون كتبًا بأيديهم ثم يقولون: " هذا من حكم الله، وهذا من كتبه ". يقول الله: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [سورة البقرة: 79].

* * *

وأما قوله: " وأكلهم السحت "، فإنه يعني به الرشوة التي كانوا يأخذونها على حكمهم بغير كتاب الله لمن حكموا له به.

* * *

وقد بينا معنى " الربانيين " و " الأحبار " ومعنى " السحت "، بشواهد ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (52)

* * *

=" لبئس ما كانوا يصنعون "، وهذا قسم من الله أقسم به، يقول تعالى ذكره: أقسم: لبئس الصنيع كان يصنع هؤلاء الربانيون والأحبار، في تركهم نهيَ الذين يسارعون منهم في الإثم والعدوان وأكل السحت، عما كانوا يفعلون من ذلك.

* * *

وكان العلماء يقولون: ما في القرآن آية أشدَّ توبيخًا للعلماء من هذه الآية، ولا أخوفَ عليهم منها.

12238 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الله بن داود قال، حدثنا سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم في قوله: " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم " قال: ما في القرآن آية، أخوف عندي منها: أَنَّا لا ننهى. (53)

12239 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا قيس، عن العلاء بن المسيب، عن خالد بن دينار، عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية أشدَّ توبيخًا من هذه الآية: ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون ) قال: كذا قرأ. (54)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

12240 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك: " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت " [قال: " الربانيون والأحبار "، فقهاؤهم وقراؤهم وعلماؤهم. قال: ثم يقول الضحاك: وما أخوفني من هذه الآية!]. (55)

12241 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون "، يعني: الربانيين، أنهم: لبئس ما كانوا يصنعون.

-------------------

الهوامش :

(43) انظر تفسير"المسارعة" فيما سلف 10: 404 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.

(44) انظر تفسير"الإثم" فيما سلف 9: 196 ، 197 ، ثم سائر فهارس اللغة.

(45) في المطبوعة: "في أحكام اليهود" ، والصواب من المخطوطة.

(46) قوله: "وذلك الإدهان"حذفت من المطبوعة ، وهي في المخطوطة سيئة الكتابة هكذا: "قال: وذلك الإركان" ، وصواب قراءته ما أثبت. و"الإدهان": اللين والمصانعة ، في الدين وفي كل شيء ، وفي التنزيل: "ودوا لو تدهن فيدهنون".

(47) انظر تفسير"العدوان" فيما سلف 9: 362 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.

(48) انظر تفسير"السحت" فيما سلف 10: 317- 324.

(49) انظر تفسير"لولا" بمعنى: "هلا" ، فيما سلف 2: 552 ، 553.

(50) انظر تفسير"الربانيون" فيما سلف 5: 540- 544/10: 341- 343

(51) انظر تفسير"الأحبار" فيما سلف 6: 543 ، 544/10: 341- 343

(52) انظر التعليقات السالفة قريبًا.

(53) الأثر: 12238-"عبد الله بن داود بن عامر بن الربيع الهمداني" ، أبو عبد الرحمن الخريبي. كان ثقة عابدًا ، وكان عسرًا في الرواية. مترجم في التهذيب.

(54) الأثر: 12239-"ابن عطية" هو: "الحسن بن عطية بن نجيح القرشي" ، أبو علي البزار مضى برقم: 1939 ، 4962 ، 7535 ، 8961 ، 8962. وهو الذي يروي عنه أبو كريب ويقول: "ابن عطية" ، وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أبو عطية". وهو خطأ.

و"قيس" ، هو"قيس بن الربيع الأسدي" ، مضى برقم: 159 ، 4842 ، 5413 ، 6892 ، 7535.

و"العلاء بن المسيب بن رافع الأسدي" ، مضى برقم: 3789.

و"خالد بن دينار التميمي السعدي" مضى برقم: 44 ، ولم يدرك ابن عباس.

(55) الأثر: 12240- كان في المطبوعة"... وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون" ، أتم الآية ، وليس للخبر تتمة. أما المخطوطة ، فليس فيها تتمة الآية ولا تتمة الخبر ، والذي أثبته من الدر المنثور 1: 296 قال: "وأخرج عبد بن حميد من طريق سلمة بن نبيط..." ، وساق الأثر كما أثبته.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022