تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  المرسلات الأية 32


سورة Sura   المرسلات   Al-Mursalaat
أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (21) إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (24) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا (27) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (28) انطَلِقُوا إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انطَلِقُوا إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَّا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (34) هَٰذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (37) هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ۖ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38) فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (40) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (45) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (47) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)
الصفحة Page 581
إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)

وقوله: ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) يقول تعالى ذكره: إن جهنم ترمي بشرر كالقصر، فقرأ ذلك قرّاء الأمصار: ( كَالْقَصْرِ ) بجزم الصاد.

واختلف الذين قرءوا ذلك كذلك في معناه، فقال بعضهم: هو واحد القصور.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) يقول: كالقصر العظيم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال: ذكر القصر (2) .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يزيد بن يونس، عن أبي صخر في قول الله: ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال: كان القرظي يقول: إن على جهنم سورا فما خرج من وراء السور مما يرجع فيها في عظم القصر، ولون القار.

وقال آخرون: بل هو الغليظ من الخشب، كأصول النخل وما أشبه ذلك.

* ذكر من قال ذلك.

حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، قال: سألت ابن عباس عن قوله: ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال: القصر: خشب كنا ندّخره للشتاء ثلاث أذرع، وفوق ذلك، ودون ذلك كنا نسميه القصر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: سمعت عبد الرحمن بن عابس، قال: سمعت ابن عباس يقول في قوله: ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال: القصر: خشب كان يُقْطع في الجاهلية ذراعا وأقلّ أو أكثر، يُعْمَد به.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، قال: سمعت ابن عباس يقول في قوله: ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال: كنا في الجاهلية نقصر ذراعين أو ثلاث أذرع، وفوق ذلك ودون ذلك نسميه القصر.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) فالقصر: الشجر المقطع، ويقال: القصر: النخل المقطوع.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( كَالْقَصْرِ ) قال: حزم الشجر، يعني الحزمة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس في هذه الآية ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال: مثل قَصْر النخلة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) أصول الشجر، وأصول النخل.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) قال: كأصل الشجر.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) القصر: أصول الشجر العظام، كأنها أجواز الإبل الصفر وسط كل شيء جوزُه، وهي الأجواز.

حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، قال: قرأها الحسن: ( كَالْقَصْرِ ) وقال: هو الجزل من الخشب قال: واحدته: قصرة وقصر، مثله: جمرة وجمر، وتمرة وتمر.

وذُكر عن ابن عباس أنه قرأ ذلك ( كَالْقَصْرِ ) بتحريك الصاد.

حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، قال: أخبرني حسين المعلم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قرأها ( كَالْقَصْرِ ) بفتح القاف والصاد.

قال: وقال هارون: أخبرني أبو عمر أن ابن عباس قرأها: ( كَالْقَصْرِ ) وقال: قصر النخل، يعني الأعناق.

وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، وهو سكون الصاد، وأولى التأويلات به أنه القصر من القصور، وذلك لدلالة قوله: ( كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) على صحته، والعرب تشبه الإبل بالقصور المبنية، كما قال الأخطل في صفة ناقة: &; 24-139 &;

كأنهــا بُــرْجُ رُومــيٍّ يُشَــيِّدُه

لُــزَّ بِجــصّ وآجُــرٍّ وأحْجــارِ (3)

وقيل: ( بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) ولم يقل كالقصور، والشرر جمع، كما قيل: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ولم يقل الأدبار، لأن الدبر بمعنى الأدبار، وفعل ذلك توفيقا بين رءوس الآيات ومقاطع الكلام، لأن العرب تفعل ذلك كذلك، وبلسانها نـزل القرآن. وقيل: كالقصر، ومعنى الكلام: كعظم القصر، كما قيل: تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ولم يقل: كعيون الذي يغشى عليه، لأن المراد في التشبيه الفعل لا العين.

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، أنه سأل الأسود عن هذه الآية: ( تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ) فقال: مثل القصر.

وقوله: ( جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: كأن الشرر الذي ترمي به جهنم كالقصر جِمالات سود: أي أينق سود؛ وقالوا: الصفر في هذا الموضع، بمعنى السود قالوا: وإنما قيل لها صفر وهِي سود، لأن ألوان الإبل سود تضرب إلى الصفرة، ولذلك قيل لها صُفْر، كما سميت الظباء أدما، لما يعلوها في بياضها من الظلمة.

* ذكر من قال ذلك:

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022