ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34(وجملة { ادخلوها بسلام } من تمام مقول القول المحذوف . وهذا الإذن من كمال إكرام الضيف أنه إن دُعِي إلى الوليمة أو جيء به فإنه إذا بلغ المنزل قيل له : ادخل بسَلام .
والباء في { بسلام } للملابسة . والسلام : السلامة من كل أذى من تعب أو نصب ، وهو دعاء . ويجوز أن يراد به أيضاً تسليم الملائكة عليهم حين دخولهم الجنة مثل قوله : { سلام قولاً من رب رحيم } [ يس : 58 ] .
ومحل هذه الجملة من التي قبلها الاستئناف البياني لأن ما قبلها يثير ترقب المخاطبين للإذن بإنجاز ما وعدوا به .
وجملة { ذلك يوم الخلود } يجوز أن تكون مما يقال للمتقين على حد قوله : { فادخلوها خالدين } [ الزمر : 73 ] ، والإشارة إلى اليوم الذي هم فيه . وكان اسم الإشارة للبعيد للتعظيم . ويجوز أن تكون الإشارة إلى اليوم المذكور في قوله : { يوم يقول لجهنم هل امتلات } [ ق : 30 ] فإنه بعد أن ذكر ما يلاقيه أهل جهنم وأهل الجنة أعقبه بقوله : { ذلك يوم الخلود } ترهيباً وترغيباً ، وعلى هذا الوجه الثاني تكون هذه الجملة معترضة اعتراضاً موجهاً إلى المتقين يوم القيامة أو إلى السامعين في الدنيا . وعلى كلا الوجهين فإضافة { يوم } إلى { الخلود } باعتبار أن أول أيام الخلود هي أيام ذات مقادير غير معتادة ، أو باعتبار استعمال { يوم } بمعنى مطلق الزمان .
وبين كلمة { ادخلوها } وكلمة { الخلود } الجناس المقلوب الناقص ، ثم إن جملة { لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد } يجوز أن تكون من بقية ما يقال للمتقين ابتداء