تنوير - Tanweer   سورة  الأنبياء الأية 73


سورة Sura   الأنبياء   Al-Anbiyaa
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77) وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)
الصفحة Page 328
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)

وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)

وإعادة فعل «جعل» في قوله تعالى : { وجعلناهم أيمة يهدون بأمرنا } دون أن يقال : وأيمةً يهْدُون ، بعطف { أيمة } على { صالحين ، } اهتماماً بهذا الجعل الشريف ، وهو جعلهم هادين للناس بعد أن جعلهم صالحين في أنفسهم فأعيد الفعل ليكون له مزيد استقرار .

ولأن في إعادة الفعل إعادة ذكر المفعول الأول فكانت إعادته وسيلة إلى إعادة ذكر المفعول الأول .

وفي تلك الإعادة من الاعتناء ما في الإظهار في مقام الإضمار كما يظهر بالذوق .

والأيمة : جمع إمام وهو القدوة والذي يُعمل كعمله . وأصل الإمام المثال الذي يصنع الشيء على صورته في الخير أو في الشر .

وجملة { يهدون } في موضع الحال مقيدة لمعنى الإمامة ، أي أنهم أيمة هُدى وإرشاد .

وقوله { بأمرنا } أي كانوا هادين بأمر الله ، وهو الوحي زيادة على الجعل . وفي «الكشاف» : «فيه أن من صلح ليكون قدوة في دين الله فالهداية محتومة عليه مأمور هُو بها ليس له أن يخل بها ويتثاقل عنها .

وأول ذلك أن يهتدي بنفسه لأن الانتفاع بهداه أعم والنفوس إلى الاهتداء بالمهدي أميلُ» اه .

وهذا الهدي هو تزكية نفوس الناس وإصلاحها وبث الإيمان ويشمل هذا شؤون الإيمان وشُعبه وآدابه .

وأما قوله تعالى : { وأوحينا إليهم فعل الخيرات } فذلك إقامة شرائع الدين بين الناس من العبادات والمعاملات . وقد شملها قوله تعالى { فعل الخيرات }.

و { فعل الخيرات } مصدر مضاف إلى { الخيرات } ، ويتعين أنه مضاف إلى مفعوله لأن الخيرات مفعولة وليست فاعلة فالمصدر هنا بمنزلة الفعل المبني للمجهول لأن المقصود هو مفعوله ، وأما الفاعل فتبع له ، أي أن يفعلوا هُم ويفعَلَ قومهم الخيرات ، حتى تكون الخيرات مفعولة للناس كلهم ، فحذف الفاعل للتعميم مع الاختصار لاقتضاء المفعول إياه .

واعتبارُ المصدر مصدراً لفعل مبني للنائب جائزٌ إذا قامت القرينة . وهذا ما يؤذن به صنيع الزمخشري . على أن الأخفش أجازه بدون شرط .

ويجوز أن يكون { فعل الخيرات } هو الموحى به ، أي وأوحينا إليهم هذا الكلام ، فيكون المصدر قائماً مقام الفعل مراداً به الطلب ، والتقدير : افعلوا الخيرات ، كقوله تعالى : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب } [ محمد : 4 ].

وتخصيص { إقام الصلاة وإيتاء الزكاة } بالذكر بعد شمول الخيرات إياهما تنويه بشأنهما لأن بالصلاة صلاح النفس إذ الصلاة تنهَى عن الفحشاء والمنكر ، وبالزكاة صلاحَ المجتمع لكفاية عوز المعوزين .

وهذا إشارة إلى أصل الحنيفية التي أرسل بها إبراهيم عليه السلام .

ومعنى الوحي بفعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة أنه أوحي إليهم الأمر بذلك كما هو بيّن .

ثم خصّهم بذكر ما كانوا متميزين به على بقية الناس من ملازمة العبادة لله تعالى كما دلّ عليه فعل الكَون المفيد تمكُّن الوصف ، ودلت عليه الإشارة بتقديم المجرور إلى أنهم أفردوا الله بالعبادة فلم يعبدوا غيره قط كما تقتضيه رتبة النبوءة من العصمة عن عبادة غير الله من وقت التكليف كما قال يوسف : { ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء } [ يوسف : 38 ] وقال تعالى في الثناء على إبراهيم : { وما كان من المشركين } [ البقرة : 135 ].

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022