عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) افتتاح هذه السورة بفعلين متحملين لضمير لا معاد له في الكلام تشويق لما سيورد بعدهما ، والفعلان يشعران بأن المحكي حادث عظيم ، فأما الضمائر فيبين إبهامها قولُه : { فأنت له تصدى } [ عبس : 6 ] وأما الحادث فيتبين من ذكر الأعمى ومَن استغنى .
وهذا الحادث سبب نزول هذه الآيات من أولها إلى قوله : { بررة } [ عبس : 16 ] . وهو ما رواه مالك في «الموطأ» مرسلاً عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال : أنزلت { عبس وتولى } في ابن أم مكتوم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول : يا محمد استدنني ، وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ( أي عن ابن أم مكتوم ) ويُقبل على الآخر ، ويقول : يا أبا فلان هل ترى بما أقول بأساً فيقول : «لا والدِّماء ما أرى بما تقول يأساً» ، فأنزلت : { عبس وتولى } .
ورواه الترمذي مسنداً عن عروة عن عائشة بقريب من هذا ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب .
وروى الطبري عن ابن عباس : «أن ابن أم مكتوم جاء يستقرىءُ النبي صلى الله عليه وسلم آيةً من القرآن ومثله عن قتادة .
وقال الواحدي وغيره : «كان النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ يناجي عتبَة بن ربيعة وأبا جهل ، والعباسَ بن عبد المطلب ، وأبيَّ بن خلف ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن المغيرة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقبل على الوليد بن المغيرة يَعرض عليهم الإِسلام . 6