أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) بعد أن انقضى إبطال معاقد شرك المشركين أخذ الكلام يتطرق غرضَ تذكيرهم بنعم الله تعالى عليهم وكيف قابلوها بكفران النعمة وأعرضوا عن شكر المنعم وعبادته واتخذوا لعبادتهم آلهة زعماً بأنها تنفعهم وتدفع عنهم وأدمج في ذلك التذكير بأن الأنعام مخلوقة بقدرة الله . فالجملة معطوفة عطف الغرض على الغرض .
والاستفهام : إنكار وتعجيب من عدم رؤيتهم شواهد النعمة ، فإن كانت الرؤية قلبية كان الإِنكار جارياً على مقتضى الظاهر ، وإن كانت الرؤية بصرية فالإِنكار على خلاف مقتضى الظاهر بتنزيل مشاهدتهم تلك المذكورات منزلةَ عدم الرؤية لعدم جريهم على مقتضى العلم بتلك المشاهدات الذي ينشأ عن رؤيتها ورؤية أحوالها ، وعلى الاحتمالين فجملة الفعل المنسبك بالمصدر سادَّة مسدّ المفعولين للرؤية القلبية ، أو المصدر المنسبك منها مفعول للرؤية البصرية .
وفي خلال هذا الامتنان إدماج شيء من دلائل الانفراد بالتصرف في الخلق المبطلة لإِشراكهم إياه غيره في العبادة وذلك في قوله : { أنَّا خلقنا } وقوله : { مما عملت أيدينا }