قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) هذا استئناف ابتدائي . وهو انتقال من ذكر ما أوحي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى توجيه خطاب مستأنف إليه ، فبعد أن حكي في هذه السورة ما أوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم مما خفي عليه من الشؤون المتعلقة به من اتِّباع متابعين وإعراض معرضين ، انتقل إلى تلقينه ما يُرد على الذين أظهروا له العناد والتورك .
ويجوز أن يكون { قل إني لا أملك } الخ ، تكريراً لجملة { قل إنما أدعو ربي } [ الجن : 20 ] على قراءة حمزة وعاصم وأبي جعفر .
والضر : إشارة إلى ما يتوركون به من طلب إنجاز ما يتوعدهم به من النصر عليهم .
وقوله : { ولا رشداً } تتميم .
وفي الكلام احتباك لأن الضر يقابله النفع ، والرشد يقابله الضلال ، فالتقدير : لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً ولا ضلالاً ولا رشداً .
والرَّشَد بفتحتين : مصدر رشد ، والرُّشْد ، بضم فسكون : الاسم ، وهو معرفة الصواب ، وقد تقدم قريباً في قوله : { يهدي إلى الرشد } [ الجن : 2 ] .
وتركيب { لا أملك لكم } معناه لا أقدر قدرة لأجلكم على ضرّ ولا نفع ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { وما أملك لك من الله من شيء } في سورة الممتحنة ( 4 ) وتقدم أيضاً في سورة الأعراف .