وقوله ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) يقول تعالى ذكره: يعلم ربك يا محمد ما بين أيدي هؤلاء الذين يتبعون الداعي من أمر القيامة، وما الذي يصيرون إليه من الثواب والعقاب ( وَمَا خَلْفَهُمْ ) يقول: ويعلم أمر ما خلفوه وراءهم من أمر الدنيا. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) من أمر الساعة (وما خلفهم) من أمر الدنيا.
وقوله ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) يقول تعالى ذكره: ولا يحيط خلقه به علما. ومعنى الكلام: أنه محيط بعباده علما، ولا يحيط عباده به علما، وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك: أن الله يعلم ما بين أيدي ملائكته وما خلفهم، وأن ملائكته لا يحيطون علما بما بين أيدي أنفسهم وما خلفهم، وقال: إنما أعلم بذلك الذين كانوا يعبدون الملائكة، أن الملائكة كذلك لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها، موبخهم بذلك ومقرّعهم بأن من كان كذلك، فكيف يعبد، وأن العبادة إنما تصلح لمن لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.