تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  طه الأية 59


سورة Sura   طه   Taa-Haa
قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (54) ۞ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55) وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ (60) قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ (62) قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ (64)
الصفحة Page 315
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)

( فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا ) لا نتعدّاه، لنجيء بسحر مثل الذي جئت به، فننظر أينا يغلب صاحبه، لا نخلف ذلك الموعد ( نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى ) يقول: بمكان عدل بيننا وبينك ونَصَف.

وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة وبعض الكوفيين ( مَكانا سِوًى) بكسر السين، وقرأته عامة قراء الكوفة ( مَكَانًا سُوًى ) بضمها.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما لغتان، أعني الكسر والضم في السين من " سوى " مشهورتان في العرب ، وقد قرأت بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، مع اتفاق معنييهما، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وللعرب في ذلك إذا كان بمعنى العدل والنصف لغة هي أشهر من الكسر والضم وهو الفتح، كما قال جلّ ثناؤه تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وإذا فتح السين منه مدّ ، وإذا كسرت أو ضمت قصر، كما قال الشاعر:

فــإنَّ أبانــا كــانَ حَـلَّ بِبَلْـدَةٍ

سُـوًى بيـنَ قَيْسٍ قَيْسَ عَيْلانَ والفِزْرِ (1)

ونظير ذلك من الأسماء: طُوَى، وطَوَى، وثنى وثُنَى، وعَدَى، وعُدَى.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( مَكَانًا سُوًى ) قال: منصفا بينهم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( مَكَانًا سُوًى ) : أي عادلا بيننا وبينك.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قَتادة، قوله ( مَكَانًا سُوًى ) قال: نصفا بيننا وبينك.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله (فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى) قال: يقول: عدلا.

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله (مَكانا سُوًى) قال: مكانا مستويا يتبين للناس ما فيه، لا يكون صوب ولا شيء فيغيب بعض ذلك عن بعض مستو حين يرى.

--------------------

الهوامش :

(1) البيت لموسى بن جابر الحنفي ( اللسان : سوى ) قال : قال الأخفش : سوى إذا كان بمعنى غير أو العدل يكون فيه ثلاث لغات : إن ضمت السين أو قصرت فيهما جميعا ، وإن فتحت مددت . تقول : ما كان سوى وسوى وسواء : أي عدل ووسط بين الفريقين ، قال موسى بن جابر : " وجدنا أبانا . . . البيت " . والفزر : أبو قبيلة من تميم ، وهو سعد بن زياد مناة بن تميم .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022