قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)
، فمن ثم طابقه جواب موسى بقوله { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينةِ وأن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً }.
فيقتضي أن محشر الناس في يوم الزينة كان مكاناً معروفاً . ولعلّه كان بساحة قصر فرعون ، لأنّهم يجتمعون بزينتهم ولهوهم بمرأى منه ومن أهله على عادة الملوك في المواسم .
فقوله { يَوْمُ الزِّينَةِ } تعيين للوقت ، وقوله { وأن يُحْشَرَ النَّاسُ } تعيين للمكان ، وقوله { ضُحىً } تقييد لمطلق الوقت .
والضحى : وقت ابتداء حرارة الشمس بعد طلوعها .
ويوم الزينة كان يوم عيد عظيم عند القبط ، وهو يوم كسر الخليج أوالخِلجان ، وهي المنافذ والترع المجعولة على النيل لإرسال الزائد من مياهه إلى الأرضين البعيدة عن مجراه للسقي ، فتنطلق المياه في جميع النواحي التي يمكن وصولها إليها ويزرعون عليها .
وزيادة المياه في النيل هو توقيت السنة القبطيّة ، وذلك هو أول يوم من شهر ( توت ) القبطي ، وهو ( أيلول ) بحسب التاريخ الإسكندري ، وذلك قبل حلول الشمس في برج الميزان بثمانية عشر يوماً ، أي قبل فصل الخريف بثمانية عشر يوماً ، فهو يوافق اليوم الخامس عشر من شهر تشرين ( سبتمبر ). وأول أيام شهر ( توت ) هو يوم النيروز عند الفرس ، وذلك مبني على حساب انتهاء زيادة النيل لا على حساب بروج الشمس .
واختار موسى هذا الوقت وهذا المكان لأنه يعلم أن سيكون الفلَجُ له ، فأحبّ أن يكون ذلك في وقت أكثرَ مشاهِداً وأوضح رؤيةً .