يقول تعالى ذكره: وإذا تُتلى على مشركي قريش العابدين من دون الله ما لم ينـزل به سلطانا(آياتُنا) يعني: آيات القرآن (بَيِّناتٍ) يقول: واضحات حججها وأدلتها فيما أنـزلت فيه ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ) يقول: تتبين في وجوههم ما ينكره أهل الإيمان بالله من تغيرها, لسماعهم بالقرآن.
وقوله: ( يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) يقول: يكادون يبطشون بالذين يتلون عليهم آيات كتاب الله من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, لشدّة تكرّههم أن يسمعوا القرآن ويتلى عليهم.
وبنحو ما قلنا في تأويل قوله (يَسْطُونَ) قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( يَكَادُونَ يَسْطُونَ ) يقول: يبطشون.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( يَكَادُونَ يَسْطُونَ ) يقول: يقعون بمن ذكرهم.
حدثنا محمد بن عمارة, قال: ثنا عبد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد: ( يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) قال: يكادون يقعون بهم.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( يَكَادُونَ يَسْطُونَ ) قال: يبطشون كفار قريش.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) يقول: يكادون يأخذونهم بأيديهم أخذا. وقوله: ( قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ ) يقول: أفأنبئكم أيها المشركون بأكره إليكم من هؤلاء الذين تتكرّهون قراءتهم القرآن عليكم, هي (النَّارُ) وعدها الله الذين كفروا. وقد ذُكر عن بعضهم أنه كان يقول: إن المشركين قالوا: والله إن محمدا وأصحابه لشرّ خلق الله! فقال الله لهم: قل أفأنبئكم أيها القائلون هذا القول بشر من محمد صلى الله عليه وسلم، أنتم أيها المشركون الذين وعدهم الله النار. ورفعت النار على الابتداء, ولأنها معرفة لا تصلح أن ينعت بها الشر وهو نكرة, كما يقال: مررت برجلين: أخوك وأبوك, ولو كانت مخفوضة كان جائزا; وكذلك لو كان نصبا للعائد من ذكرها في وعدها وأنت تنوي بها الاتصال بما قبلها، يقول تعالى ذكره: فهؤلاء هم أشرار الخلق لا محمد وأصحابه.
وقوله: ( وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) يقول: وبئس المكان الذي يصير إليه هؤلاء المشركون بالله يوم القيامة.