يقول تعالى ذكره: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا, الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة. والذين ههنا ردّ على الذين يقاتلون.
ويعني بقوله: ( إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ ) إن وطنا لهم في البلاد, فقهروا المشركين وغلبوهم عليها, وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول: إن نصرناهم على أعدائهم وقهروا مشركي مكة, أطاعوا الله, فأقاموا الصلاة بحدودها، وآتوا الزكاة: يقول: وأعطوا زكاة أموالهم من جعلها الله له ( وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ) يقول: ودعوا الناس إلى توحيد الله والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الإيمان بالله ( وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ) يقول: ونهوا عن الشرك بالله، والعمل بمعاصيه، الذي ينكره أهل الحقّ والإيمان بالله ( وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ ) يقول: ولله آخر أمور الخلق، يعني: أن إليه مصيرها في الثواب عليها، والعقاب في الدار الآخرة.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك: حدثني الحارث, قال: ثنا الحسين الأشيب, قال: ثنا أبو جعفر عيسى بن ماهان, الذي يقال له الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, في قوله: ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ) قال: كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الإخلاص لله وحده لا شريك له; ونهيهم عن المنكر أنهم نهوا عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان. قال: فمن دعا إلى الله من الناس كلهم فقد أمر بالمعروف, ومن نهى عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان فقد نهى عن المنكر.