( وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ) يقول: وملككم بعد مهلكهم أرضهم، يعني مزارعهم ومغارسهم وديارهم، يقول: ومساكنهم وأموالهم، يعني سائر الأموال غير الأرض والدور.
وقوله: (وأرْضًا لَمْ تَطَئوها) اختلف أهل التأويل فيها، أيّ أرض هي؟ فقال بعضهم: هي الروم وفارس ونحوها من البلاد التي فتحها الله بعد ذلك على المسلمين.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوها) قال: قال الحسن: هي الروم وفارس، وما فتح الله عليهم.
وقال آخرون: هي مكة.
وقال آخرون: بل هي خيبر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان (وَأَرْضًا لَمْ تَطَئوها) قال: خيبر.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ) قال: قُرَيظة والنضير أهل الكتاب (وَأَرْضًا لَمْ تَطَئوها) قال: خيبر.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه أورث المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض بني قريظة وديارهم وأموالهم، وأرضا لم يطئوها يومئذ ولم تكن مكة ولا خَيبر، ولا أرض فارس والروم ولا اليمن، مما كان وطئوه يومئذ، ثم وطئوا ذلك بعد، وأورثهموه الله، وذلك كله داخل في قوله (وأرْضًا لَمْ تَطَئوها) لأنه تعالى ذكره لم يخصص من ذلك بعضا دون بعض.(وكانَ اللَّهُ على كُلّ شَيْء قَديرًا). يقول تعالى ذكره: وكان الله على أن أورث المؤمنين ذلك، وعلى نصره إياهم، وغير ذلك من الأمور ذا قدرة، لا يتعذّر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه فعل شيء حاول فعله.