القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36)
يقول تعالى ذكره: ولقد أنذر لوط قومه بطشتنا التي بطشناها قبل ذلك ( فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ) يقول: فكذّبوا بإنذاره ما أنذرهم من ذلك شكا منهم فيه .
وقوله ( فَتَمَارَوْا ) تفاعلوا من المرية.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل:
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ) لم يصدّقوه، وقوله ( وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ ) يقول جلّ ثناؤه: ولقد راود لوطا قومه عن ضيفه الذين نـزلوا به حين أراد الله إهلاكهم ( فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ) يقول: فطمسنا على أعينهم حتى صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شقّ, فلم يبصروا ضيفه. والعرب تقول: قد طمست الريح الأعلام: إذا دفنتها بما تسفي عليها من التراب, كما قال كعب بن زُهَير:
مِـنْ كُـلّ نَصَّاخَةِ الذّفْرَى إذَا أعْتَرَقَتْ
عُرْضَتهـا طـامِسُ الأعْـلام مَجْهُولُ (1)
يعني بقوله ( طامِسُ الأعْلامِ ) : مندفن الأعلام.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
------------------------
الهوامش:
(1) البيت : لكعب بن زهير من لاميته المشهورة " بانت سعاد " التي مدح بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد شرحناه ثلاث مرات في ( 2 : 402 ، 5 : 123 ، 9 : 157 ) من هذه الطبعة ، فراجعه في أحد هذه المواضع ، أو فيها كلها، لزيادة الفائدة .