وقوله: ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ) يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا عقاب الله بطاعته وأداء فرائضه, واجتناب معاصيه في بساتين يوم القيامة, وأنهار, ووحد النهر في اللفظ ومعناه الجمع, كما وحد الدّبر, ومعناه الإدبار في قوله: ( يُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) وقد قيل: إن معنى ذلك: إن المتقين في سعة يوم القيامة وضياء, فوجهوا معنى قوله: ( وَنَهَرٍ ) إلى معنى النهار. وزعم الفرّاء أنه سمع بعض العرب ينشد:
إنْ تَـــكُ لَيْلِيًّــا فــإنيّ نَهِــرْ
متــى أتــى الصُّبْـحُ فَـلا أنْتَظِـر (1)
وقوله " نهر " على هذا التأويل مصدر من قولهم: نهرت أنهر نهرا. وعنى بقوله: " فإني نهر ": أي إني لصاحب نهار: أي لست بصاحب ليلة.