وقوله: ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) يقول: الصحف المكرّمة بأيدي سفرة، جمع سافر.
واختلف أهل التأويل فيهم ما هم؟ فقال بعضهم: هم كَتَبة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) يقول: كَتَبة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) قال: الكَتَبة.
وقال آخرون: هم القرّاء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) قال: هم القرّاء.
وقال آخرون: هم الملائكة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) يعني: الملائكة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) قال: السَّفَرة: الذين يُحْصون الأعمال.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هم الملائكة الذين يَسْفِرون بين الله ورسله بالوحي.
وسفير القوم: الذي يسعى بينهم بالصلح، يقال: سفرت بين القوم: إذا أصلحت بينهم، ومنه قول الشاعر:
ومَــا أدَعُ السِّــفارَةَ بَيـن قَـوْمي
ومَـــا أمْشِــي بغِشّ إنْ مَشِــيتُ (2)
وإذا وُجِّه التأويل إلى ما قلنا، احتمل الوجه الذي قاله القائلون: هم الكَتَبة، والذي قاله القائلون: هم القرّاء لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب، وتَسْفِر بين الله وبين رسله.
-------------------------
الهوامش :
(2) البيت : من شواهد الفراء في معاني القرآن ( 358 ) قال : وقوله : { بأيدي سفرة } ، وهم الملائكة ، واحدهم سافر ؛ والعرب تقول : سفرت بين القوم : إذا أصلحت بينهم ، فجعلت الملائكة ، إذ نزلت بوحي الله وتأديبه كالسفير الذي يصلح بين القوم . وقال الشاعر : " وما أدع السفارة ... " .البيت . ا . هـ . وفي ( اللسان : سفر ) وفي التنزيل { بأيدي سفرة } قال المفسرون : السفرة : يعني الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم ، واحدهم : سافر ، مثل كاتب وكتبه . ا هـ .