بأيدي سفرة أي الملائكة الذين جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله ، فهم بررة لم يتدنسوا بمعصية . وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : هي مطهرة تجعل التطهير لمن حملها بأيدي سفرة قال : كتبة . وقاله مجاهد أيضا . وهم الملائكة الكرام الكاتبون لأعمال العباد في الأسفار ، التي هي الكتب ، واحدهم : سافر ; كقولك : كاتب وكتبة . ويقال : سفرت أي كتبت ، والكتاب : هو السفر ، وجمعه أسفار . قال الزجاج : وإنما قيل للكتاب سفر ، بكسر السين ، وللكاتب سافر ; لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه . يقال : أسفر الصبح : إذا أضاء ، وسفرت المرأة : إذا كشفت النقاب عن وجهها . قال : ومنه سفرت بين القوم أسفر سفارة : أصلحت بينهم . وقاله الفراء ، وأنشد :
فما أدع السفارة بين قومي ولا أمشي بغش إن مشيت
والسفير : الرسول والمصلح بين القوم والجمع : سفراء ، مثل فقيه وفقهاء . ويقال للوراقين سفراء ، بلغة العبرانية . وقال قتادة : السفرة هنا : هم القراء ، لأنهم يقرؤون الأسفار . وعنه أيضا كقول ابن عباس . وقال وهب بن منبه : بأيدي سفرة كرام بررة هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال ابن العربي : لقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سفرة ، كراما بررة ، ولكن ليسوا بمرادين بهذه الآية ، ولا قاربوا المرادين بها ، بل هي لفظة مخصوصة بالملائكة عند الإطلاق ، ولا يشاركهم فيها سواهم ، ولا يدخل معهم في متناولها غيرهم . وروي في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له ، مع السفرة الكرام البررة ; ومثل الذي يقرؤه وهو يتعاهده ، وهو عليه شديد ، فله أجران متفق عليه ، واللفظ للبخاري .