وقوله: ( وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ) يقول: وسمعت الأرض في إلقائها ما في بطنها من الموتى إلى ظهرها أحياء، أمر ربها وأطاعت ( وَحُقَّتْ ) يقول: وحقَّقها الله للاستماع لأمره في ذلك، والانتهاء إلى طاعته.
واختلف أهل العربية في موقع جواب قوله: ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) ، وقوله: ( وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ ) فقال بعض نحويي البصرة: ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) على معنى قوله: يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ إذا السماء انشقت، على التقديم والتأخير.
وقال بعض نحويي الكوفة: قال بعض المفسرين: جواب ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) قوله: ( وَأَذِنَتْ ) قال: ونرى أنه رأي ارتآه المفسر، وشبَّهه بقول الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا لأنا لم نسمع جوابًا بالواو في إذا مبتدأة، ولا كلام قبلها، ولا في إذا، إذا ابتدئت. قال: وإنما تجيب العرب بالواو في قوله: حتى إذا كان، وفلما أن كان، لم يجاوزوا ذلك؛ قال: والجواب في ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) وفي ( إِذَا الأرْضُ مُدَّتْ ) كالمتروك؛ لأن المعنى معروف قد تردّد في القرآن معناه، فعرف وإن شئت كان جوابه: يأيُّها الإنسان، كقول القائل: إذا كان كذا وكذا، فيأيها الناس ترون ما عملتم من خير أو شرّ، تجعل يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ هو الجواب، وتضمر فيه الفاء، وقد فُسَّر جواب ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) فيما يلقى الإنسان من ثواب وعقاب، فكأن المعنى: ترى الثواب والعقاب إذا السماء انشقَّتْ.
والصواب من القول في ذلك عندنا: أن جوابه محذوف ترك استغناء بمعرفة المخاطبين به بمعناه. ومعنى الكلام: ( إذا السماء انشقت ) رأى الإنسان ما قدّم من خير أو شرّ، وقد بين ذلك قوله: يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ والآياتُ بعدها.