وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) وتقدم الكلام على نظير قوله : { وأذنت لربها وحقت } آنفاً .
وجملة : { يا أيها الإنسان إنك كادح } إلى آخره جواب { إذا } باعتبار ما فُرع عليه من قوله : { فملاقيه } ونسب هذا إلى المبرد ، أي لأن المعطوف الأخير بالفاء في الأخبار هو المقصود مما ذكر معه .
فالمعنى : إذا السماء انشقت وإذا الأرض مُدّت لاقيتَ ربك أيها الإنسان بعد كدحك لملاقاته فكان قوله : { إنك كادح إدماجاً بمنزلة الاعتراض أمام المقصود .
وجوز المبرد أن يكون جواب إذا } محذوفاً دل عليه قوله : { فملاقيه } والتقدير : إذا السماء انشقت إلى آخره لاقيتَ أيها الإنسان ربك .
وجوز الفرّاء أن يكون جواب { إذا } قوله { وأذنت لربها } وإن الواو زائدة في الجواب . ورده ابن الأنباري بأن العرب لا تقحم الواو إلا إذا كانت { إذا } بعد ( حتى ) كقوله تعالى : { حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها } [ الزمر : 73 ] أو بعد ( لما ) كقوله تعالى : { فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم } [ الصافات : 103 ، 104 ] الآية .
وقيل : الجواب : { فأما من أوتي كتابه بيمينه } [ الانشقاق : 7 ] ، ونسب إلى الكسائي واستحسنه أبو جعفر النحاس .
والخطاب لجميع الناس فاللام في قوله : { الإنسان } لتعريف الجنس وهو للاستغراق كما دل عليه التفصيل في قوله : { فأما من أوتي كتابه بيمينه إلى قوله : كان به بصيراً } [ الانشقاق : 15 ] .
والمقصود الأول من هذا وعيد المشركين لأنهم الذين كذبوا بالبعث . فالخطاب بالنسبة إليهم زيادة للإِنذار ، وهو بالنسبة إلى المؤمنين تذكير وتبشير .
وقيل : أريد إنسان معين فقيل : هو الأسود بن عبد الأسد ( بالسين المهملة في «الاستيعاب» و«الإِصابة» ووقع في «الكشاف» بالشين المعجمة كما ضبطه الطيبي وقال هو في «جامع الأصول» بالمهملة ) ، وقيل : أُبيّ بن خلف ، وقد يكون أحدهما سبب النزول أو هو ملحوظ ابتداء .