وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) عطف على جملة { ويقول الإنسان أإذا ما مت } [ مريم : 66 ] أو على جملة { واتخذوا من دون الله آلهة } [ مريم : 81 ] إتماماً لحكاية أقوالهم ، وهو القول بأن لله ولداً ، وهو قول المشركين : الملائكة بنات الله . وقد تقدم في سورة النحل وغيرها؛ فصريح الكلام رد على المشركين ، وكنايته تعريض بالنّصارى الذين شابهوا المشركين في نسبة الولد إلى الله ، فهو تكملة للإبطال الذي في قوله تعالى آنفاً : { ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه } [ مريم : 35 ] الخ .
والضمير عائد إلى المشركين ، فيفهم منه أنّ المقصود من حكاية قولهم ليس مجرد الإخبار عنهم ، أو تعليم دينهم ولكن تفظيع قولهم وتشنيعه ، وإنما قالوا ذلك تأييداً لعبادتهم الملائكة والجن واعتقادهم شفعاء لهم .
وذكر { الرّحمان } هنا حكاية لقولهم بالمعنى ، وهم لا يذكرون اسم الرحمان ولا يُقرون به ، وقد أنكروه كما حكى الله عنهم : { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان } [ الفرقان : 60 ] ، فهم إنما يقولون : { اتخذ الله ولداً } كما حكي عنهم في آيات كثيرة منها آية سورة الكهف ( 4 ). فذكر الرحمن } هنا وضع للمرادف في موضع مرادفه ، فذكر اسم { الرحمان } لقصد إغاظتهم بذكر اسم أنكروه .
وفيه أيضاً إيماء إلى اختلال قولهم لمنافاة وصف الرحمان اتخاذ الولد كما سيأتي في قوله : { وما ينبغي للرحمان أن يتخذ ولداً }.