وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14(
عطف على جملة { فمن يملك لكم من الله شيئاً } [ الفتح : 11 ] فهو من أجزاء القول ، وهذا انتقال من التخويف الذي أوهمه { فمن يملك لكم من الله شيئا } إلى إطماعهم بالمغفرة التي سألوها ، ولذلك قدم الضر على النفع في الآية الأولى فقيل { إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا } [ الفتح : 11 ] ليكون احتمال إرادة الضر بهم أسبق في نفوسهم .
وقدمت المغفرة هنا بقوله : { يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } ليتقرر معنى الإطماع في نفوسهم فيبتدروا إلى استدراك ما فاتهم . وهذا تمهيد لوعدهم الآتي في قوله : { قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد إلى قوله : { فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً } [ الفتح : 16 ] .
وزاد رجاءَ المغفرة تأكيداً بقوله : { وكان الله غفوراً رحيماً } أي الرحمة والمغفرة أقرب من العقاب ، وللأمرين مواضع ومراتب في القرب والبعد ، والنوايا والعوارض ، وقيمة الحسنات والسيئات ، قد أحاط الله بها وقدرها تقديراً .
ولفظ { من يشاء } في الموضعين إجمال للمشيئة وأسبابها وقد بينت غير مرة في تضاعيف القرآن والسنة ومن ذلك قوله : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [ النساء : 48 ] .