أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38)
وجملة { أيطمع كل امرىء منهم أن يُدخل جنة نعيم } بدل اشتمال عن جملة { فما للذين كفروا قِبلك مهطعين } الآية ، لأنّ التفافهم حول النبي صلى الله عليه وسلم شأنه أن يكون لطلب الهدى والنجاة فشبه حالهم بحال طالبي النجاة والهدى فأُورد استفهام عليه .
وحكى المفسرون أن المشركين قالوا مستهزئين : نحن ندخل الجنة قبل المسلمين ، فجاز أن يكون الاستفهام إنكاراً لتظاهرهم بالطمع في الجنة بحمل استهزائهم على خلاف مرادهم على طريقة الأسلوب الحكيم ، أو بالتعبير بفعل { يَطمع } عن التظاهر بالطمع كما في قوله تعالى : { يحذر المنافقون أن تُنزل عليهم سُورة تنبئهم بما في قلوبهم } [ التوبة : 64 ] أي يتظاهرون بأنهم يحذرون .
وأُسند الطمع إلى { كل امرىء منهم } دون أن يقال : أيطمعون أن يدخلوا الجنة ، تصويراً لحالهم بأنها حال جماعة يريد كل واحد منهم أن يدخل الجنة لتساويهم ، يرون أنفسهم سواء في ذلك ، ففي قوله : { كل امرىء منهم } تقوية التهكم بهم .
ثم بني على التهكم ما يبطل ما فرض لحالهم بما بني عليه التمثيل التهكمي بكلمة الردع وهي { كلا } أي لا يكون ذلك . وذلك انتقال من المجاز إلى الحقيقة ومن التهكم بهم إلى توبيخهم دفعاً لتوهم من يتوهم أن الكلام السابق لم يكن تهكماً .
وهُنا تمّ الكلام على إثبات الجزاء .