إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13)
تصلح لأن تكون استئنافاً ابتدائياً انتُقل به من وعيدهم بعذاب الآخرة إلى توعدهم بعذاب في الدنيا يكون من بطش الله ، أردف به وعيد عذاب الآخرة لأنه أوقع في قلوب المشركين إذ هم يحسبون أنهم في أمن من العقاب إذ هم لا يصدقون بالبعث فحسبوا أنهم فازوا بطيب الحياة الدنيا .
والمعنى : أن الله يبطش بهم في البَدْء والعَوْد ، أي في الدنيا والآخرة .
وتَصلح لأن تكون تعليلاً لجملة : { إن بطش ربك لشديد } [ البروج : 12 ] لأن الذي يُبدِىء ويعيد قادر على إيقاع البطش الشديد في الدنيا وهو الإِبداء ، وفي الآخرة وهو إعادة البطش .
وتصلح لأن تكون إدماجاً للاستدلال على إمكان البعث أي أن الله يُبدِىء الخلقَ ثم يعيده فيكون كقوله تعالى : { وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } [ الروم : 27 ] .
والبطش : الأخذ بعنف وشدة ويستعار للعقاب المؤلم الشديد كما هنا .
و { يبُدىء } : مرادف يَبْدَأ ، يقال : بَدَأ وأبْدَأ . فليست همزة أبدأ للتعدية .
وحُذف مفعولا الفعلين لقصد عموم تعلق الفعلين بكل ما يقع ابتداءً ، ويعادُ بعد ذلك فشمل بَدأ الخلق وإعادتَه وهو البعث ، وشمَل البطشَ الأول في الدنيا والبطش في الآخرة ، وشمل إيجاد الأجيال وأخلافها بعد هلاك أوائلها . وفي هذه الاعتبارات من التهديد للمشركين محامل كثيرة .
وضمير الفصل في قوله : { هو يبدىء } للتقوِّي ، أي لتحقيق الخبر ولا موقع للقصر هنا . إذ ليس في المقام ردّ على من يدّعي أن غير الله يبدىء ويعيد . وقد تقدم عند قوله تعالى : { أولئك هم المفلحون } في سورة البقرة ( 5 ) أن ضمير الفصل يليه الفعل المضارع على قول المازني ، وهو التحقيق . ودليلُه قوله : { ومكر أولئك هو يبور } وقد تقدم في سورة فاطر ( 10 ) .