هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) متصل بقوله : { إن بطش ربك لشديد } [ البروج : 12 ] فالخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم للاستدلال على كون بطشه تعالى شديداً ببطشَيْننِ بَطَشَهُما بفرعون وثمود بعد أن علل ذلك بقوله : { إنه هو يبدىء ويعيد } [ البروج : 13 ] فذلك تعليل ، وهذا تمثيل ودليل .
والاستفهام مستعمل في إرادة لتهويل حديث الجنود بأنه يسأل عن علمه ، وفيه تعريض للمشركين بأنهم قد يحلّ بهم ما حَلّ بأولئك : { وأنه أهلك عاداً الأولى وثمودا فما أبقى } إلى قوله : { فبأي ءآلاء ربك تتمارى } [ النجم : 50 55 ] .
والخطاب لغير معين ممن يراد موعظته من المشركين كناية عن التذكير بخبرهم لأن حال المتلبسين بمثل صنيعهم الراكبين رؤوسهم في العناد ، كحال من لا يعلم خبرهم فيُسْأل هل بلغه خبرهم أوْ لا ، أو خطاباً لغير معيّن تعجيباً من حال المشركين في إعراضهم عن الاتعاظ بذلك فيكون الاستفهام مستعملاً في التعجيب .
والإِتيان : مستعار لبلوغ الخبر ، والحديث : الخبرُ . وتقدم في سورة النازعات .
و { الجنود } : جمع جند وهو العسكر المتجمع للقتال . وأطلق على الأمم التي تجمعت لمقاومة الرسل كقوله تعالى : { جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب } [ ص : 11 ] واستعير الجند للملأ لقوله : { وانطلق الملأ منهم } [ ص : 6 ] ثم رشحت الاستعارة باستعارة مهزوم وهو المغلوب في الحرب فاستعير للمهلك المستأصل من دون حرب .