فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) و { الفساد } : سوء حال الشيء ولحاق الضر به قال تعالى : { وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل } [ البقرة : 205 ] . وضد الفساد الصلاح قال تعالى : { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } [ الأعراف : 56 ] وكان ما أكثروه من الفساد سبباً في غضب الله عليهم ، والله لا يحب الفساد فصب عليهم العذاب .
والصب حقيقته : إفراغ ما في الظرف ، وهو هنا مستعار لحلول العذاب دَفعة وإحاطته بهم كما يصب الماء على المغتَسِل أو يصب المطر على الأرض ، فوجه الشبه مركب من السرعة والكثرة ونظيره استعارةُ الإِفراغ في قوله تعالى : { ربنا أفرغ علينا صبراً } [ البقرة : 250 ] ونظير الصب قولهم : شن عليهم الغارةَ .
وكان العذاب الذي أصاب هؤلاء عذاباً مفاجئاً قاضياً .
فأما عاد فرأوا عارض الريح فحسبوه عارض مطر فما لبثوا حتى أطارتهم الريح كل مطير .
وأما ثمود فقد أخذتهم الصيحة .
وأما فرعون فحسبوا البحر منحسراً فما راعهم إلا وقد أحاط بهم .