يقول تعالى ذكره: فأولئك يدخلون الجنة ( جَنَّاتِ عَدْنٍ ) وقوله: (جنات عدن) نصب ترجمة عن الجنة. ويعني بقوله ( جَنَّاتِ عَدْنٍ ) بساتين إقامة. وقد بينت ذلك فيما مضى قبل بشواهده المغنية عن إعادته.
وقوله ( الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ) يقول: هذه الجنات هي الجنات التي وعد الرحمن عباده المؤمنين أن يدخلوها بالغيب، لأنهم لم يروها ولم يعاينوها، فهي غيب لهم. وقوله ( إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا ) يقول تعالى ذكره: إن الله كان وعده، ووعده في هذا الموضع موعوده، وهو الجنة مأتيا يأتيه أولياؤه وأهل طاعته الذين يدخلهموها الله. وقال بعض نحويي الكوفة: خرج الخبر على أن الوعد هو المأتيّ، ومعناه: أنه هو الذي يأتي، ولم يقل: وكان وعده آتيا، لأن كلّ ما أتاك فأنت تأتيه، وقال: ألا ترى أنك تقول : أتيت على خمسين سنة، وأتت عليّ خمسون سنة، وكلّ ذلك صواب، وقد بيَّنت القول فيه، والهاء في قوله (إنَّهُ) من ذكر الرحمن.