يقول تعالى ذكره: قال الله لزكريا مجيبا له (قَالَ كَذَلِكَ) يقول: هكذا الأمر كما تقول من أنّ امرأتك عاقر، وإنك قد بلغت من الكبر العتيّ، ولكن ربك يقول: خلْق ما بشَّرتك به من الغلام الذي ذكرت لك أن اسمه يحيى عليّ هين، فهو إذن من قوله (قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) كناية عن الخلق.
وقوله (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) يقول تعالى ذكره وليس خلق ما وعدتك أن أهبه لك من الغلام الذي ذكرت لك أمره منك مع كبر سنك، وعقم زوجتك بأعجب من خلقك، فإني قد خلقتك، فأنشأتك بشرا سويا من قبل خلقي ما بشرتك بأني واهب لك من الولد، ولم تك شيئا، فكذلك أخلق لك الولد الذي بشرتك به من زوجتك العاقر، مع عِتيك ووهن عظامك، واشتعال شيب رأسك.