يقول تعالى ذكره: لقد كفرت الذين قالوا: إن عيسى ابن الله، وأعظموا الفِرية عليه، فما ينبغي لله أن يتخذ ولدا ، ولا يصلح ذلك له ولا يكون، بل كل شيء دونه فخلقه، وذلك نظير قول عمرو بن أحمر:
فِـي رأسِ خَلْقَـاءَ مِـنْ عَنقاءَ مُشْرِفَةٍ
لا يُبْتَغَــى دُونهـا سَـهْلٌ وَلا جَـبَلُ (3)
وأن من قوله ( أَنْ يَتَّخِذَ ) في موضع رفع بكان. وقوله: (سُبْحَانَهُ) يقول: تنـزيهًا لله وتبرئة له أن يكون له ما أضاف إليه الكافرون القائلون: عيسى ابن الله. وقوله إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) يقول جل ثناؤه: إنما ابتدأ الله خلق عيسى ابتداء، وأنشأه إنشاء من غير فحل افتحل أمه، ولكنه قال له ( كُنْ فَيَكُونُ ) لأنه كذلك يبتدع الأشياء ويخترعها، إنما يقول، إذا قضى خلق شيء أو إنشاءه: كن فيكون موجودا حادثا، لا يعظم عليه خلقه، لأنه لا يخلقه بمعاناة وكلفة، ولا ينشئه بمعالجة وشدّة.
------------------------
الهوامش:
(3) البيت لعمر بن أحمر . ( اللسان : عنق ) قال : وأما قول ابن أحمر :
فِـي رأْسِ خَلْقـاءَ مِـنْ عَنْقَاءَ مُشْرِفَةٍ
لا يُبْتَغَــى دُونَهـا سَـهْلٌ وَلا جَـبَلُ
فإنه يصف جبلا ، يقول : لا ينبغي أن يكون فوقها سهل ولا جبل أحصن منها . أه . قلت : والخلقاء : الصخرة الملساء . العنقاء : البعيدة في السماء . والمشرفة : العالية . ورواية الشطر الثاني في الأصل * مـا ينبغـي دونها سهل ولا جبل *