يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( قُلْ ) يا محمد لسائليك من المشركين عن الساعة متى هي قائمة (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ ) الذي قد استأثر الله بعلمه, وحجب عنه خلقه غيره والساعة من ذلك (وَمَا يَشْعُرُونَ ) يقول: وما يدري من في السماوات والأرض من خلقه متى هم مبعوثون من قبورهم لقيام الساعة.
وقد حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا داود بن أبي هند, عن الشعبيّ, عن مسروق, قال: قالت عائشة: من زعم أنه يخبر الناس بما يكون في غد, فقد أعظم على الله الفرية, والله يقول: (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ ).
واختلف أهل العربية في وجه رفع الله, فقال بعض البصريين: هو كما تقول: إلا قليل منهم. وفي حرف ابن مسعود: قليلا بدلا من الأوّل, لأنك نفيته عنه وجعلته للآخر.
وقال بعض الكوفيين: إن شئت أن تتوهم في " ومن " المجهول, فتكون معطوفة على: قل لا يعلم أحد الغيب إلا الله. قال: ويجوز أن تكون " من " معرفة, ونـزل ما بعد " إلا " عليه, فيكون عطفا ولا يكون بدلا لأن الأوّل منفي, والثاني مثبت, فيكون في النسق كما تقول: قام زيد إلا عمرو, فيكون الثاني عطفا على الأوّل, والتأويل جحد, ولا يكون أن يكون الخبر جحدًا, أو الجحد خبرا. قال: وكذلك مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ وقليلا من نصب, فعلى الاستثناء في عبادتكم إياه, ومن رفع فعلى العطف, ولا يكون بدلا.