اختلف القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: ( وَمَا أَنْتَ بِهَادِ ) بالياء والألف وإضافته إلى العمي بمعنى: لست يا محمد بهادي من عمي عن الحقّ(عَنْ ضَلالَتِهِمْ ). وقراءة عامة قرّاء الكوفة " وَمَا أنْتَ تَهْدِي العُمْيَ" بالتاء ونصب العمي, بمعنى: ولست تهديهم (عَنْ ضَلالَتِهِمْ ) ولكن الله يهديهم إن شاء.
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مشهورتان في قرّاء الأمصار, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام ما وصفت (وَمَا أَنْتَ ) يا محمد ( بِهادِي ) من أعماه الله عن الهدى والرشاد فجعل على بصره غشاوة أن يتبين سبيل الرشاد عن ضلالته التي هو فيها إلى طريق الرشاد وسبيل الرشاد. وقوله: (إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ) يقول: ما تقدر أن تُفهم الحقّ وتوعيه أحدا إلا سمع من يصدّق بآياتنا, يعني بأدلته وحججه وآي تنـزيله ( فَهُمْ مُسْلِمُونَ ) فإن أولئك يسمعون منك ما تقول ويتدبرونه, ويفكرون فيه, ويعملون به, فهم الذين يسمعون.
• ذكر من قال مثل الذي قلنا في قوله تعالى: ( وَقَعَ ) (1)
------------------------
الهوامش:
(1) سقط كلام المؤلف في تأويل الآية رقم 82، ويدل عليه إيراد كلام أهل التأويل فيه.