إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54(استئناف بياني لأنه لما ذكر أن كل صغير وكبير مستطرِ على إرادة أنه معلوم ومجازىً عليه وقد علم جزاء المجرمين من قوله : { إن المجرمين في ضلال وسعر } [ القمر : 47 ] كانت نفس السامع بحيث تتشوف إلى مقابل ذلك من جزاء المتقين وجريا على عادة القرآن من تعقيب النذارة بالبشارة والعكس .
وافتتاح هذا الخبر بحرف { إن } للاهتمام به .
و { في } من قوله : { في جنات } للظرفية المجازية التي هي بمعنى التلبس القوي كتلبس المظروف بالظرف ، والمراد في نعيم جنات ونهر فإن للجنات والأنهار لذات متعارفة من اللهو والأُنس والمحادثة ، واجتناء الفواكه ، ورؤية جَرَيَاننِ الجداول وخرير الماء ، وأصوات الطيور ، وألوان السوابح .
وبهذا الاعتبار عطف { نهر } على { جنات } إذ ليس المراد الإخبار بأنهم ساكنون جناتتٍ فإن ذلك يغني عنه قوله بعد : { في مقعد صدق عند مليك مقتدر } ، ولا أنهم منغمسون في أنهار إذ لم يكن ذلك مما يقصده السامعون .
ونهَرَ : بفتحتين لغة في نهْر بفتح فسكون . والمراد به اسم الجنس الصادق بالمتعدد لقوله تعالى : { من تحتهم الأنهار } [ الأعراف : 43 ]