قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15) الأمر بالقول يقتضي مخاطباً مقولاً له ذلك : فيجوز أن يقصد : قل لهم ، أي للمشركين الذين يسمعون الوعيد والتهديد السابق : «أذلك خير أم الجنة»؟ فالجمل متصلة السياق ، والاستفهام حينئذٍ للتهكم إذ لا شبهة في كون الجنة الموصوفة خيراً . ويجوز أن يقصد : قل للمؤمنين ، فالجملة معترضة بين آيات الوعيد لمناسبة إبداء البون بين حال المشركين وحال المؤمنين ، والاستفهام حينئذٍ مستعمل في التلميح والتلطف . وهذا كقوله : { أذلك خيرٌ نُزُلاً أم شجرةُ الزقوم } في سورة الصافات )62 ).
والإشارة إلى المكان الضيق في جهنم .
و { خير } اسم تفضيل ، وأصله )أخير )بوزن اسم التفضيل فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال . والتفضيل على المحمل الأول في موقع الآية مستعمل للتهكم بالمشركين . وعلى المحمل الثاني مستعمل للتلميح في خطاب المؤمنين وإظهار المنة عليهم .
ووصف الموعودين بأنهم متقون على المحمل الأول جار على مقتضى الظاهر ، وعلى المحمل الثاني جار على خلاف مقتضى الظاهر لأن مقتضى الظاهر أن يؤتى بضمير الخطاب ، فوجه العدول إلى الإظهار ما يفيده { المتقون } من العموم للمخاطبين ومن يجيء بعدهم .
وجملة : { كانت لهم جزاء ومصيراً } تذييل لجملة : { جنة الخلد التي وعد المتقون } لما فيها من التنويه بشأن الجنة بتنكير { جزاء ومصيراً } مع الإيماء إلى أنهم وعدوا بها وعد مجازاة على نحو قوله تعالى : { نعم الثواب وحسنت مرتفقاً } [ الكهف : 31 ] وقوله : { بئس الشراب وساءت مرتفقاً } في سورة الكهف )31 29 ).